الحل وراءنا وليس امامنا
إن الحوادث الأخيرة التي حصلت في العراق كشفت ان لا سيادة للعراقيين على بلدهم، وان العراق عبارة عن غنيمة قُسّمت وانتهى أمرها، وانما الصراع –ان كان هناك صراع حقيقي- على حدود تلك التقسيمات.
ان التغلغل الأجنبي في مفاصل العراق قد بلغ آخر نقطة يمكن أن يبلغها، حيث تتنازع الدول المهيمنة في العراق على شارع يُراد صيانته في محافظة الموصل، هذه تريد وتلك تعارض! والساسة العراقيون غير معنيين بذلك!.
ما الذي أوصل العراق الى هذا الوضع المؤسف؟.
قد يقال بسبب قصور العقل السياسي العراقي أو ضعف الانتماء الوطني أو قد يعزو البعض ذلك الى الفساد المالي والإداري، وكلٌ ينظر من الزاوية الأقرب اليه. قد تكون كل تلك الأسباب وغيرها لها الأثر في ذلك، لكن الذي نراه -وطبعاً من الزاوية التي ننظر من خلالها- أن السبب الاعمق وربما الاشمل في وصول البلد لما وصل اليه ليس بسبب تلك العناوين السطحية انما هو التمرد الذي حصل على تلك القيم والمبادئ والثوابت التي كانت هي عصمتنا من الانزلاق والتردي، واعتبارها من قبل القيادة والشعب ليست أكثر من قيود يجب التحرر منها؛ فضربنا تلك القيم والثوابت فانعدمت لدينا الرؤية، واضمحلت في نفوسنا تلك الغايات السامية بتخلينا عن المبادئ التي ننطلق منها لتلك الغايات. وبعد أن سقطنا في مهاوي الهلكات أصبحنا نتوسل بوسائل وهمية فرضتها علينا نظرتنا القاصرة من طلب تغييرات ليس لها أثراً واقعياً.
لن يتغير الوضع الراهن للأحسن بتغيير الأجساد ولا بتبديل مناصب ومراتب أو بتغيير بعض التشريعات… إطلاقاً، فما يأتي يستحيل أن يكون أفضل من السابق؛ لأن المُغيّر هو بنفس مستوى الواضع الأول، فلن يأتي بما هو أفضل، ومن الحماقة أن تبحث عن الصالحين في بيئة الفاسدين!.
فلا يتأمل أحد أن نصير للأفضل مع بقاءنا على ما نحن عليه من سوء الصفات وتدني الاخلاق وفساد المعاملة وتفشي الرذيلة.
حينما تحُل الانانية محل الغيرية فسوف يبرز الطمع بأبشع صوره ويستدعي أدواته من الظلم والاعتداء واغتصاب حقوق الاخرين والأساليب القذرة وغيرها، وهو ما يولد اختلالاً في منظومة الانسان، وأوضح صورة لذلك ما نحن فيه الآن، فالطمع يدعو للتوسع الاعمى والتوسع يدعو للظلم والتجاوز على الاخرين.
كلما فقدنا شيئاً من رصيدنا المعنوي خسرنا شيئاً من رصيدنا المادي.
فليس من حلٍ لما نحن فيه الا بالرجوع لتلك القيم ذات الثقل الحقيقي التي نبذناها وراء ظهورنا، الرجوع الى اخلاقنا وآدابنا، الرجوع الى الله تعالى الذي نسيناه حينما فُتحت لنا أبواب المُلهيات، حينما ركضنا وراء مصالحنا واستدبرنا من بيده مصالحنا، ضعنا وضاعت مصالحنا.
قُل ما شئت لكنني واثق من أن كل ما يحدث لنا من خيرٍ وشرٍ، من فرح وحزن، من صعود ونزول، من بلاء ورخاء، مردّه الى القرب والابتعاد عن الحق جل جلاله، هذه حقيقة واقعية لا مناص منها مهما هربنا منها، أو رفضتها أهواؤنا ومصالحنا الضيقة، مهما استبعدتها عقولنا المقيدة بقيود شهواتنا ورغباتنا.
منتظر الخفاجي
فعلا وصدقا الحل ورائنا .. كلامكم عين الصواب مولانا الشيخ دام عزكم
نورتنا بجميل مروركم
ادامكم الحق تعالى ابينا الغالي الحبيب
حفظكم الرحمن وجعل ايامكم خير وامان
احسنتم
احسن الله تعالى لكم