آداب الاستماع
ورد قول عن الإمام جعفر الصادق (ع)، يرى المدقق من خلال هذا القول شمولية الإسلام لكل مفاصل حياة الفرد، واهتمامه بدقائق وجزئيات حياة المسلم، وهو من الأقوال التي سبقت زمانها -لو صح التعبير-وهو قوله (ع) : (تعلموا آداب الاستماع قبل أن تتعلموا آداب الحديث) وهذه التفاتة بمنتهى الدقة، حيث بيّن (ع) أن للاستماع آداب وأصول ينبغي على المستمع مراعاتها لكي يحقق الفائدة الكاملة لنفسه كمستمع وكذلك للمتكلم. وليس أن الفرد منا يستمع الى المتكلم بأي صورة كانت، وخاصة إن كان المتكلم في موطن التعليم والوعظ.
كذلك فإن سوء الاستماع وعدم الالتزام بآدابه قد يحدث وحشة وفجوة بين المتكلم والمستمع، أو نفور من قِبل المتكلم، فيزرع المستمع بسوء استماعه شيئاً من الجفاء في قلب المتكلم وربما الضغينة.
ومن الآداب التي نراها تنفع بهذا الصدد:
1- الترابط القلبي بين المستمع والمتكلم، وذلك عن طريق التفاعل القلبي من قِبل المستمع، بأن يكون المستمع حاضراَ بكل قلبه، فليس عدم جسّ كلام المتكلم لقلب المستمع سببه دائماً بُعد المتكلم القلبي أو النفسي عن المستمع، بل أحياناً يكون السبب هو الإدبار القلبي من قبل المستمع أو الحضور الناقص.
2- عدم الانزعاج من إطالة كلام المتكلم.
3- تجنب مقاطعة المتكلم، وتركه إلى أن ينهي كلامه، فربما فاتتنا فوائد بسبب المقاطعة والدخول العرضي.
4- التغلب على الانزعاج النفسي الذي يتولد من بعض كلمات المقابل والتي يراها المستمع أدنى من مستواه، فليس من كلام حوت كل كلماته على فوائد إلا ما ندر.
5- ترك تسخيف كلام أي متكلم.
6- الابتعاد عن تتبع عثرات المتكلم، فإنه بذرة التنافر والتباغض.
7- ترك الأفعال والحركات التي توحي أو توهم المقابل بعدم اهتمامك بكلامه.
8- اجعل المتكلم يشعر بأنه هو المتفضل بالكلام لا أنت المتفضل بالاستماع.
9- إن أردتَ تصحيح بعض أخطاء المتكلم – وليس كل الأخطاء فإن بعضها يجب أن يغفر-فحاول أن تصححها بصورة لطيفة كي لا تكسر عزيمته وتثبط همته وتزعزع ثقته بنفسه.
10- اشكره أو امدحه عند نهاية كلامه أو ادعو له بالخير.
11- حاول أن لا تكثر الالتفات يميناً وشمالاً وتشتت انتباه المتكلم.
12- كثيراً ما تصدر كلمات فيها منافع كثيرة ممن لا نتوقع منه ذلك، فلا تستصغرن كلام أي متكلم، فلا تدري من أين يأتي رزقك.
13- إن تكلم بحضرتك من يرى نفسه ليس أهلاً للكلام، فعظّمه وأرفع مقامه، فإن مثل هؤلاء هم نظر عين الجبار جلّ جلاله.
14- حاول قدر إمكانك أن تبادل المتكلم مشاعره، ولا تجعله غريب.
15- إذا قُطع الكلام بقاطعٍ أو زائر أو أي أمر آخر، يجب أن تكون أنت من يطلب منه إتمام كلامه، فلربما منعه الحياء من الإكمال.
16- ليس من الأدب الإكثار من التثاؤب أثناء كلام المتكلم، فينبغي أن تتغلب عليه بأي صورة كانت.
17- إن كان الكلام بالموعظة والنصح والتطبيق، فينبغي على المستمع أن يكون همه الأكبر بعد السماع هو العمل على تطبيق ما سمعه، وإلا فقد أضاع على نفسه عطاء وعطّلَ جزءاً من أرادته.
يقول الإمام علي (ع):
( إذا لم تكن عالماً ناطقاً فكن مستمعاً واعياً ) [غرر الحكم 3\145].
ولو أن أحدنا عمل بأدبٍ واحد من هذه الآداب فقد أضاف الى حياته معنى جديداً.