التضحيةُ بالرغباتِ لأجلِ المحافَظةِ على كيانِ الأُسرةِ

التضحيةُ بالرغباتِ لأجلِ المحافَظةِ على كيانِ الأُسرةِ 1

 

الإنسانُ مَهما بَلغَ مِن رُتَبِ الكَمالِ فنفسُهُ باقيةٌ، وبقاؤُها يَستَلزِمُ بقاءَ الرغباتِ والشهواتِ، نَعم قد تتبدلُ رغباتُه حينَ الصعودِ مِن رغباتٍ دُنيا إلى رَغباتٍ عُليا، كتبدُلِ الرغبةُ بجمعِ المالِ إلى الرغبةِ بزيادةِ المعرفةِ، والعكسُ حينِ النزولِ فتتبدلُ رغباتُه مِن العُليا الى الدُنيا، كمَن تتبدلُ رغبَتهُ في طَلبِ المعرفةِ إلى طلبِ الشُهرةِ، وعلى ذلِك فالمُربي أو ربُّ الأُسرةِ لديه رغباتُه الخاصةُ والتي تتفاوتُ من شخصٍ الى آخرٍ بدرجةِ الإلحاحِ والضغطِ لأجلِ تحقيقِها، فرَبُّ الأُسرةِ ـ الأبُّ أو الأُمُّ ـ لديهِ رغباتهُ الخاصةُ التي تَطلبُ تحقيقَها في الخارجِ، وقد تتصادمُ هذهِ الرغباتُ تارةً مع رغباتِ أُسرتهِ، وتارةً مع مصالحِهم، وفي كِلا الحالين ينبَغي على رَبِّ الأُسرةِ حينَ التزاحُمِ بينَ رغباتِه ومصالِحِ أُسرتهِ أو رغباتِهم المعقولةِ أنْ يُقدِمَ مصالحَهم على رغباتِه، وهذه ضمنَ التضحياتِ المُلازمةِ لمسؤوليتهِ، نَعم المسالةُ فيها صعوبةٌ وفيها ضغطٌ نفسيٌ لكن يَنبغي على رَبِّ الأُسرةِ أن يُروِّضَ نفسَهُ على ذلكَ، وإلا فإنَّ تَحقيقَ رغباتِهِ على حسابِ مصالحِ أُسرَتهِ يعني تفكُكَ الرابطُ الأُسريُ وبالتالي ضياعُ تلكَ الأُسرةِ. 

وهذا لا يعني أن لا يُحققَ رَبُّ الأُسرةِ بعضَ رغباتهِ التي يحتاجُها لتخفيفِ ضغطِ المسؤوليةِ وتغييرِ أحوالَ نفسهِ وتَجديدِ عزيمته، وإنما نقصِدُ بالتضحيةِ برغباتِه حينَ التزاحُمِ فقَط، أما في مواطنٍ أُخرى فله أن يُحقِقَ رغباتَهُ المشروعةِ بحدودِها. ولقد رأينا بعضَ الآباءِ والأُمهاتِ حينما ينشغلُ برغبةٍ ما  كتصفُحِ مواقِع التواصلِ الإجتماعي لأجلِ التسليّةِ أو مُشاهدةِ برنامجٍ تلفزيوني، يأتيهُ إبنهُ طالباً منه حاجةً، فتراهُ يُبعدُهُ او يُهمِلُهُ، وهذا ما يُولِدُ شرخاً في علاقةِ الإبنِ بأبيهِ. وحينما يتركُ الأبُّ أو الأُمُّ  ما في يديهِ ويلتفِتُ لإبنهِ التفاتَ مُهتمٍ حينها سيُمَتِنُ الرابِطَ الذي بينه وبينَ إبنهِ، ويكونُ الملجأَ لإبنهِ في كُلِّ ما يحتاجُ إليه، حيثُ وَجدَ الإبنُ صدراً رَحِباً لإستيعابِ ما يحتاجُ إليه.

وهذه مسألةٌ مُهمةٌ قد يَراها بعضُ الآباءِ دونَ ذلكَ.

اترك تعليقاً