الرسول الأعظم ومصلحة تعدد الزوجات

الرسول الأعظم ومصلحة تعدد الزوجات 1

    من المعلوم أن من يصف الرسول الكريم بأنه نبي السيف و المرأة هم الذين يريدون أن يطفئوا نور السماوات والأرض بنفخ أفواههم، فحاولوا بكل ما أوتوا من قوة ومكر أن يهدموا أركان الإسلام و مرتكزاته، وبما أنهم لم يجدوا أي خلل في نظام الإسلام على كل الأصعدة سواء التشريعية أو الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو غيرها، أخذوا يبحثون عن بعض الأمور التي تشتبه على العامة ممن هم على نفس ديانتهم وذلك لأجل زحزحة هذا النظام الإسلامي الرصين في صدور أتباعهم خوفاً من أن يدخل أتباعهم في الإسلام لما رأوا من تكامل الدين الإسلامي وإحاطته بكل جوانب الحياة وتوفيره للحلول المتكاملة لكل مشاكل البشرية .

     ومما شنعوا على الرسول الأكرم من انه نبي نساء، واتخذوا من كثرة أزواجه أداة لذلك، وهم يعلمون حق العلم إن أي نبي لا ينطق ولا يفعل شيئاً عن هواه، وقضية تعدد أزواج الرسل أو عدم الزواج بالنسبة لبعضهم هي داخل إطار الوحي والأمر السماوي وليس له (ص) أو غيره من الرسل أن يفعل إي فعل دون الأمر الإلهي أو الإقرار الإلهي، أو معرفة الذوق الالهي.

    والأفعال الصادرة من الجهة العليا سواء أكانت الجهة الإلهية المباشرة أو جهة الرسول يصعب علينا إدراك حكمتها الواقعية وان أدركنا الحكمة الظاهرية؛ وذلك للبعد الشاسع بين مستوانا العقلي ومستوى الرسول الأعظم.

     لكننا رغم ذلك نستطيع أن نرى الكثير من المصالح –على مستوانا- التي ترتبت على كثرة تعدد أزواج الرسول والتي يحكم العقل السليم بصحتها.

    ومن ذلك:

    أولاً : انه أراد من خلال نساءه ( وهذا ما تحقق ) نشر الوعي الإسلامي بين النساء. وذلك ان من طبيعة العرب في الجاهلية وصدر الإسلام الاستهانة بشأن النساء فكانت المرأة عبارة عن آلة لتحقيق ما يحتاجه الرجل وكان الإسلام تقريباً يقتصر على الرجال ولا تفقه منه النساء إلا اليسير، فكان دور نساء الرسول هو نشر الوعي الإسلامي بين نساء المسلمين، فلكثرة النساء أثرٌ في سرعة انتشار التعاليم الإسلامية بين النساء.

    ثانياً: من المعلوم إن هنالك حجاباً بين المرأة والرجل وخاصة في ما يتعلق بأحكام النساء الدينية، فكانت النساء لا تستطيع أن تسأل الرجال عن الأحكام الفقهية الخاصة بالنساء بل يتعالى الرجل عن تعلم هكذا مسائل!. وكذلك فإن الأعم الأغلب من نساء المسلمين يتهيبّن من سؤال الرسول عن أحكامهن، ففتح الرسول لهن باب نساءه فأصبحن يسألن نساءه (ص) عن أحكام الحيض والاستحاضة والنفاس والجنابة وغيرها .

    ثالثاً: إن من الصفات المرتكزة في المجتمع العربي في الجاهلية هي صفة التكاتف بين الأقرباء إلى درجة التضحية، ومن يتزوج من قبيلة يصبح واحداً منها فيدافعون عنه وينصرونه، فكان زواج الرسول لعدة نساء من عدة قبائل عبارة عن كسب هذه القبائل لمناصرة قضيته الكبرى وبالتالي يهيئهم لدخول الإسلام أو على اقل تقدير فقد كف سيوف هؤلاء عن المسلمين وأصبح من الصعب على أعداءه أن يستميلوا هذه القبائل ويسخّروها لقتال المسلمين.

    رابعاً: إن من أزواج الرسول مَن كانت تُهدى إليه من زعماء وكبراء العرب، فكان من الأصلح أن يقبل وإلا ففي حال رفضها سيخسر هؤلاء الزعماء ويخسر قبائلهم وهذا ما يعود بالضرر الفادح على الإسلام.

     خامساً: إن بعض النساء اللاتي تزوجهن الرسول الأعظم هنّ ممن فقدن أزواجهنّ في الحروب الإسلامية, فكان لزواج النبي منهن .

* أن يعيلهن في معيشتهن.

* أن يعوض عليهن ما فقدن.

* أن لا يتولد لديهن بُعد عن الدين أو نقمة على الإسلام.

* أن يبين للنساء إن من تفقد زوجها في سبيل الله لا تهمل بل يعتنى بها سواء من قبل الرسول أو من قبل الصحابة بأمر من الرسول ويعزز بذلك مفهوم الشهادة في فهم النساء.

    سادساً: إن بعض أزواج الرسول أصبحن بعد رحيل الرسول داعيات للإسلام بين النساء وذلك لما يحملن من مستوى إيماني رفيع وما يحفظن من أقوال وأفعال الرسول، بل أصبح كثير من الصحابة يأخذون الحديث من نساء الرسول، وبذلك فتح الرسول باب تحرير النساء من قيود الجاهلية بل ارتقى بمستوى المرأة من العطاء المادي إلى العطاء المعنوي وهذا ما لم يقم به أحد من الأنبياء السابقين.

    سابعاً: إن من يتصور إن كثرة الزوجات فيها راحة ولذة دنيوية  فهو مخطئ، بل فيها من الصعوبة القدر الكبير، وذلك من عدة جوانب، منه التوفيق بين الزوجات وتلبية مطالبهن وتعليمهن والاستماع لهن وعدم التقصير مع أي واحدة منهن، علماً إن ما تعطيه النساء هو واحد وان اختلفت النساء، فكانت كثرة الزوجات هو نوع من الجهاد النفسي وشيء من الصعوبة وليس هوى نفسي، لان من طبيعة النفس هو الابتعاد عن الضغط والصعوبة.

      ومن المعلوم إن حال الرسول هو من أصعب الأحوال حيث تكليفه العام وهو هداية البشرية وتكليفه الخاص وهو المسير في مدارج الكمال نحو الحق المطلق، فمن الصعب على كل إنسان أن يوفِق بين هذا وذاك مع كثرة النساء، لذلك نرى إن الأنبياء السابقين وبالأخص أصحاب الرسالات اقتصروا على زوجة واحدة بل بعضهم لم يتزوج إطلاقاً وذلك لصعوبة الجمع بين كثرة الزوجات وتأدية واجباته العامة والخاصة، ومن ذلك ما واجهه إبراهيم (ع) من صعوبة التوفيق بين امرأتيه، لكن الرسول استطاع أن يوفق بين نساءه وان يوصلهن إلى المستوى الإيماني الذي أراده .

     فكان زواج الرسول (ص) لعدة نساء هو ضرب من ضروب الجهاد النفسي وليس العكس.

 

اترك تعليقاً