جلسات رمضانية
الجلسة الأولى

شيخنا سماحة الشيخ منتظر الخفاجي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
روي عن النبي الأكرم (ص): (اختلاف أمتي رحمة)، ما هو نوع الرحمة في اختلاف الأمة في كثير من امورها ومنها هلال شهر رمضان؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم، وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته:
واقعاً يوجد هنالك فرق بين الاختلاف والتخالف أو الخلاف، فالاختلاف عادةً يكون عبارة عن التنوع والإثراء وكثرة التخصصات، فحينما يختلف عالِمٌ مع عالِمٍ آخر في رأيٍ أو فكرةٍ أو نظريةٍ…الخ، فذلك يعني أن كل منهما قد فتح باباً لفهم الغاية المستهدفة من الرأي او الفكرة او النظرية، أي أصبح هناك تنوعاً في الوصول لذلك الفهم؛ حينئذ صارت هناك توسعة وأصبح هناك إثراءاً ومن ذلك نقول:
عندما تختلف الامة الاسلامية بالاختلافات الفكرية او بتنوعات الطرق لتحقيق مصلحة الأمة، أو تنوع الطرق للوصول إلى الغاية التي خُلِق من أجلها الإنسان، حينئذ أنت كثّرت الأبواب، وكثّرت المذاهب والطرق والتي ستتناسب مع كل مستويات الفهم والادراك للمجتمع المسلم، بعكسه لو كان الطريق واحداً فلربما تجد ان أحدهم يقتنع بهذا الطريق بينما تجد الآخر غير مقتنعٍ به، حينئذ سيبقى ذلك الآخر من غير طريق، أو يتخذ طريقاً منحرفاً أو بعيداً عن الغاية، لذلك فإن هذه الاختلافات ستكون عبارة عن توسيع للنطاق الفكري الإسلامي، وهذا صحيح، أما حينما نقول إن الاختلاف هو التخالف الذي يؤدي إلى البغضاء والتقاتل والعنف بين المتخالفين، فإني أقول إن هذا غير مطلوب، حيث إنه يؤدي إلى نتائج سقيمة وغير صحيحة في الأمة الإسلامية، وهذا هو الحاصل الآن مع شديد الأسف، وإن كان هذا الاختلاف ليس أساسه ديني، لو كان أساسه ديني لكان أدى إلى نتائج طيبة، لكن أساسه دنيوي بثوبٍ ولباسٍ ديني أدى إلى هذه النتائج التي نراها الآن من المذهبية والعنصرية والطائفية.
أذكرُ مرّةً انه سألني شيخي السيد الشهيد ــ قدس الله نفسه ــ، وهو شيخي وواجب الطاعة، ما رأيك بالاستخارة هل تنافي التوكل؟ فقلت له أنا عندي إنها تنافي التوكل، فقال أنا عندي انها لا تنافي التوكل، فقلت: إذن أنا مُخطئ؟ فقال لا، أنت رأيك صحيح، وأنا رأيي صحيح، إبقَ أنت على رأيك، وأنا أبقى على رأيي، فأخذت من ذلك عدة فوائدٍ في حينها وبعدها، فالذي أريد قولَهُ: إن هذا الاختلاف يجعل من الفكرة الواحدة فكرتين وثلاثة أو أكثر وهذا يمثل تنوعاً وغنىً للإسلام وهو أمرٌ صحيح وصحي.