جلسات رمضانية
الجلسة الثانية عشر

جلسات رمضانية الجلسة الثانية عشر 1

سماحة الشيخ منتظر الخفاجي أيدكم الله تعالى، نلاحظ في شهر رمضان ان البعض يكون منزعجاً ويبدو عليه الغضب في البيت أو في الشارع أو في العمل بل حتى انه دائماً ما يُهمل عمله بحجة إنه صائم، فما هو تعليقكم على ذلك؟

 

الجواب:

واقعاً ان الصيام لأرباب النفوس أي (أصحاب المستوى النفسي) يُشكل ضغطاً نفسياً شديداً عليهم، وكما ان (المريض تتبدل أخلاقه) فتجده حين المرض جزوعاً وسريع التحسس، كذلك بالنسبة للصائم فان شدة الجوع والعطش وغيرها تجعله سريع الانزعاج وسريع الغضب، وهذا ليس المفروض بل المفروض هو الاستفادة من الصيام بأكبر قدر يستطيعه الإنسان، ان من أهم عطايا شهر رمضان هو الصبر، يُعّلم الإنسان على الصبر، ليس الصبر على الجوع والعطش فقط …لا؛ بل الصبر على ما يُحمّله على ذلك الجوع والعطش من أمورٍ خلال حياته اليومية، مثل سماع (كلمة ما) مؤذية أو مزعجة وغير ذلك، فإذا استطاع الإنسان أن يتحملها وهو صائم حينئذٍ يكون قد ارتقى إلى مستوىً جديد في صبره وتحمُّله في حِلمه.

ان شهر رمضان هو شهر العطاء المعنوي، طبعاً يوجد فيه عطاء مادي أكيداً، لكن الواقع انه شهرُ عطاءٍ معنوي، فالله سبحانه وتعالى يفيض بالعطاء المعنوي والعطاء الروحي للبشرية أكثر من العطاء المادي، حينئذٍ فان استخراج بعض الطاقات من باطن الإنسان تحتاج إلى محكّات حقيقية، فتكون الإزعاجات هي المحكّات التي تستخرج مستويات جديدة من الصبر والتحمُّل والمودوعة تكويناً في باطن الإنسان. المفروض من الصائم الا يكون جُلَّ همه الخلاص من تكليف الصيام وإنما همه أن يتقبله الله سبحانه وتعالى بأحسن درجات القبول، والتقبّل بأعلى درجات القبول يتطلّب منا الصبر والقيام ببعض المستحَبات، يتطلب منا كَف الأذى قدر الإمكان وصوم الجوارح وغيرها من الأمور التي هي من الكمالات الإيمانيّة للصيام، فالمفروض ان يأخذ الصائم كل ذلك بعين الاعتبار، وإلا فإنك صائم وجازع وغاضب على الناس كلا، لا تصم أحسن! واقعاً كُفَّ أذاك عن الناس أحسن من صيامك مع وجود الأذى، الله غني عن صيامنا وعن صلاتنا، نعم هي مشكلة كما تفضلت في سؤالك، وقلت لك انه يوجد ضغط نفسي ولكن المفروض ان نتجاوز مستوى الضغط هذا.

السائل: يعني هكذا إنسان غاضب أو منفعل دائماً هل تَقلُ درجة صيامه؟

الجواب: ليست تَقِل، بل احتمال كبير لا يُقبل صيامه، يعني أنت تقدم صيامك لله (كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فهو لي وأنا أُجزى به) على قراءة السيد الشهيد وليس (أَجزي به) بل (أُجزى به) بمعنى أنه جزاء لله سبحانه وتعالى إزاء ما قدم الله من نِعم، حينئذٍ ما هذا الذي تقدمه لله سبحانه وتعالى؟ إما أن تقدم شيء يليق بجلال الله أو يا أخي لا نريد تقدمتك، لا تقدم شيءً لله به غضب وجزع وغير ذلك، لا تقدم ما لا يليق أن تقدمه في حضرة الله، مثلا مُصَلي ليس بوعيه ويقف بين يدي الله ويقول الله أكبر، والله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ) بمعنى عندما تكون صاحياً وواعياً لما تقول، عندها فقط تقف بين يدي الله سبحانه وتعالى أو تتصل بالله أو تصلي لله سبحانه وتعالى لا بأس بذلك، أما هكذا صيام مشوب بالغضب والانزعاج وغيره أنا أعتقد انه لا يرفع إلى الله سبحانه وتعالى.

اترك تعليقاً