جلسات رمضانية
الجلسة الخامسة

سماحة الشيخ منتظر الخفاجي، خلال الصوم في شهر رمضان وخصوصاً في الصيف يواجه الصائم مجاهدة في صيامه حيث طول نهار الصيف وشدة حرّ أيامه، ورغم ذلك نرى هذا الصائم بعد انقضاء شهر رمضان قد رجع إلى بعض الأفعال والصفات التي كانت موجودة عنده قبل صيامه وكأنه لم يستفد من مجاهداته في صيام هذا الشهر شيئاً؟!
الجواب:
المسألة ليست هكذا واقعاً، حيث إن وجود الصعوبات في الصيام من مجاهدات ومخالفات لرغبات النفس الأمارة بالسوء ليست داعية قطعية لتَّبدل الصفات وتغييرها، نعم على مستوى من المستويات قد تُضعِّف بعض الرغبات النفسية، وقد يُكسر شيء من شوكة النفس الأمارة بالسوء. كما إن الشيء الآخر أنه يوجد في شهر رمضان ــ لو جاز التعبيرــ عناية إلهية خاصة بالصائم، من قبيل:
ــ تضعيف بعض الجوانب السيئة الموجودة في الإنسان سواء كانت داخلية أو خارجية مثل قوة النفس الأمارة بالسوء، الشيطان وغيرها.
ــ تقوية بعض الجوانب الإيجابية أو الحَسنة الموجودة في داخل الفرد الصائم.
وهذه جميعها تُعتبر مُساعِدات وهبات إلهية في شهر رمضان، لكنها تنتهي مع نهاية الشهر، نعم يمكن للفرد ان يستفيد من شهر رمضان للشروع ببعض الأفعال أو الأعمال العبادية بحيث يستصحبها إلى غير شهر رمضان، أما أنه تتبدل طبائِعه أو تتبدل أخلاقه أو تتبدل بعض السجايا الموجودة عنده فهذا شيء مُستَصعب إلى حدٍ ما.
السائل: هل سبب ذلك هو قلة المدة سماحتكم؟
الجواب: لا بأس بذلك. نحن نقول وكذلك علماء الأخلاق (أن تكرار الأفعال يؤدي إلى تبدل الصفة) لا بأس بذلك، حينما يستمر الشخص على فعل معين بمعنى (يكرر هذا الفعل) فإن الفعل سوف يمر بمراتب ومراحل تتدرج من صعوبة عمل الفعل إلى استساغة عمله ثم إلى محبة الفعل فالإدمان عليه، هذه هي المراحل المعهودة او المعروفة، لكن بالنسبة لمجاهدة النفس الأمارة بالسوء فاعلم، أن النفس باقية ما بقي الإنسان، نعم تختلف أو تتبدل من ناحية الرقي المرتبي، بدلاً من أن تكون شهواتها بالطعام والمنام وغيرها، تتحول إلى شهوة بالدرجات والمناصب العليا وهكذا، ولكن جوهر النفس باقي، وإلا لا قيام للإنسان بدون نفس، فلا بأس بالاستمرار على تكرار الفعل الواحد، فعلى سبيل المثال أن شخصاً معيناً خلال شهر رمضان يحاول قدر الإمكان أن يتجنب مرض ورذيلة الغيبة، لكنه يتوقف عن ذلك بعد انقضاء الشهر فإن احتمالية رجوعه لهذه الرذيلة ستكون كبيرة، أما إذا استمر بهذا التجنب إلى ما بعد شهر رمضان ربما لشهرين أو ثلاثة أشهر وبإصرار وإرادة، فإن هناك احتمال كبير أن يصل إلى مرحلة عدم استساغة الغيبة لأنه بدأ يراها شيء قبيح وغير جميل، ولكن الامر يحتاج إلى إرادة جادة وفترة زمنيّة كما قلنا.