الأكمــــــــــل
نرى تعامل الله جل جلاله مع خلقه العاصي والمطيع سواء، والمقصود هنا العناية في التدبير والرزق والحياة والموت….الخ فلا نشاهد تغير في المعاملة وهذا راجع لأنه سبحانه غني عن خلقه ان أطاعوه أو عصوه، وكذلك لأنه سبحانه يتعامل مع عباده تعامل الرب لا تعامل الخلق، ولو كان البشر يرجعوا لفطرتهم الإنسانية لرفع عنهم البلاء والعذاب، ولكن رحمته لخلقه أوجب عليهم العلاج المُخلص لهم من خطاياهم.
فإن اتصف الإنسان بصفات الله تعالى وتعامل بها مع الخلق أي يعمل لمصلحة الآخر، لا لمصلحته الشخصية لأنتقل مثل ذلك الإنسان الى مراتب عُليا من الإنسانية الغير مطروقة في الإرض إلا للأنبياء والأئمة عليهم السلام فمن ذلك قول الرسول الكريم محمد(ص) {اللهم أرحم قومي} مع أنهم كانوا يعادوه ويجابهوه بكل الطرق المنحرفة، مع ذلك يطلب لهم الرحمة وهذا ما سار عليه أهل بيته من الأئمة الأطهار فيروى ان الامام الحسين عليه السلام يبكي على اعداءه لدخولهم النار بسببه وغير ذلك من الأمثلة الكثيرة، اريد القول ان من تعامل بصفة كالحلم والكرم والرحمة وغيرها تعامل مجرد عن نوايا المصالح الضيقة والتي تشمل الدنيوية والأخروية، وكان تعامله كتعامل الله تعالى مع خلقه بدون مصلحة مع أختلاف الفارق، حينها سينتقل هذا الإنسان لدرجة الأحسن تقويم وبها سيتصل بصاحب الصفات ليفيض عليه مما لم يعلم من أخلاقه وصفاته جل جلاله فيقول الرسول (ص) { من تعلم فعمل علمه الله ما لم يعلم}، وهذا الأتصال بمنبع الصفات يؤدي لمعرفة الله تعالى التي تاه من أجلها المحبون والمريدون فقد ورد « أنّ اقربكم إلى الله أحسنكم خلقاً » أي إنهم أتصفوا بخُلقهِ ، بل الأدق من ذلك أنه سيُعطى سر تلك الصفة أو الصفات وهي من مراتب الولاية في خلافة الله تعالى في أرضه أو كونه، وكلاً على قدر سعته في إظهار الصفات العليا.
حارث اللامي