الإصـــــرار

الإصـــــرار 1
ليس عيباً ان تفشل لكن العيب أن تستسلم للفشل، فليس معنى عدم تحقق مبتغاك في المرة الأولى أن تُحبط ويأخذ منك اليأس مأخذه، فحينما تصبو للنجاح وتحقيق أهدافك أزح عنك وشاح اليأس وبادر بلباس العزيمة والإصرار، فأن كان الهدف دانياً عليك تركه وان كان عالياً وذو قيمة فوجب الإقدام عليه، وبداية الإصرار تُشاهد منذ الطفولة فنرى الطفل يصر على ان يتحرك فيبدأ بالزحف ثم بالمشي ويستمر بأن يتعلم في كل ما يراه ويلبي إحتياجه طوال سنين عمره ، لكن الإصرار صار يستخدم بما هو سهل او كائن في حاجة الفرد او في غاياته النفسية، فبعد ان كان يستوعب كل مساحات الإنسان النفسية والقلبية والعقلية والروحية، قُيد فأصبح أسير غايات بسيطة وأغلبها نفسية، وهذا مما عطل تلك الصفة او قُل المحرك الذي وجدّ في غالبية البشر، واي مُعطل نتج عنه عواقب تؤثر في حياة الفرد حين يريد العمل بأمر معين، وينعكس ذلك على بقية قوى الإنسان لانه عامل مهم على كسر حاجز الصعوبات ان كانت خارجية او داخلية، فالصعوبات الخارجية تتمثل في الوقت او المكان أو لضعف في حالته الإقتصادية والإجتماعية أو لوجود إرادات غيرية، اما ما كان داخلياً فيكون لعدم تفعيله بعض من صفاته ومعطلاً لإرادته بالإعتماد على الغير، ولعدم ثقته بنفسه، وهيمنة التردد او الخوف عليه، وقلة إدراكاته العقلية وغير ذلك، لذلك كان الإصرار هو تحريك لجميع جوانب الإنسان لتحقيق ما يريده ، فكم نرى من ليس بدارس يكتشف نظريات او يصل الى بعض العلوم بإصراره وكم نرى من عاجز قطعت يداه او قدماه او كان كفيف البصر بإصراره وصل لما يريد وعمل بما يُحب، واكثر الأمور وصلت بالإصرار على تحقيقها ان كانت عقائدية او إجتماعية او علمية او غير ذلك من مناحي الحياة، فهو دافع لتحريك جميع قوى الإنسان نحو هدف معين، فأن كان الهدف دانياً صار الإصرار عليه سلبياً ويؤدي بصاحبه للهلكة، وأن كان الهدف سامياً كان الإصرار عليه بنّاءً وممدوحاً، بقي ان نعرف كيف نُفعّل ذلك وما هي المحركات الإنسانية لتفعيل الدافع لإكمال عمل أو تحقيق هدف، فمعلوم ان الدوافع اما أن تكون بسبب الإحتياج او التطميع وهذا واضح، ومنها ما كان بمحبة تحقيق هدفه وان خلا من فوائد مادية او معنوية، والبعض يسعى بما كان مؤمناً به، لكن الحقيقة التي يجب ان نؤمن بها ان المحرك ذاتي دون أي تحفيز خارجي كالحصول على المكاسب وغيرها فحقيقة ذواتنا مرتبطة بإرادة البقاء مما يعني وجود الإصرار والعزيمة اللتان هما من رشحات الإرادة لكسر كل حواجز الوقوف على مرتبة معينة او عقبة معرقلة، وهذا يعني وصول الإنسان لأعلى ما يتخيله وما لا يتخيله فما عليه سوى كسر وهم العجز وعادة الكسل وأن يسعى لما أراد.

حارث اللامي

اترك تعليقاً