الجانب المُهمَل ( التربية )
التربية هي مجموعة القيم الأخلاقية الناشئة من الصفات الإنسانية، والشرائع السماوية، والعادات الاجتماعية، والتي تؤدي في توجيه تعامُل وسلوك الأفراد داخل مجتمعهم، وهي تتأثر بعاملين أيضاً وهما عاملي الأسرة والمحيط الخارجي الذي يتواجد فيه ذلك الفرد، وذلك لأن الأفراد يكتسبون من كِلا العاملَين بحسب نظرية العقل الجمعي أو بالأكتساب الغيري أو بالتوجيه والمحاسبة، فكل تلك العوامل تؤثر في تربية الفرد وصقل شخصيته. ولا تختص التربية بالأدب وان كان منها، ولكن هي أعمُ من ذلك فتشمل جميع جوانب الفرد الصفاتية كالأخلاق والأدب والتديّن والعلم والوعي وحسن التصرف وقوة الإرادة…. وصولاً للنتيجة المتوخاة من الخَلق. فالتربية تُنمّي قُدرات الفرد على التعامل مع الآخرين، وترفع من ثقته بنفسه، وزيادة إدراكه ومعرفته، وتُعالج جميع مشاكل المجتمع بسبب وصول مجتمعها لأكمل الصفات والتي منها القدرة على حل العقبات والمشاكل، وتؤدي لضمان استمرارية مسير الأجيال اللاحقة نحو أهدافها وتطلعاتها، لهذا نعرف أهمية ما أهملنا التعامل به، فحينما نضع منهجاً تربوياً فأنه يتوجب علينا ان نجعله شاملاً لجميع قوى الإنسان ومراتبه، فيشمل الجانب الأخلاقي والجانب الاجتماعي والجانب العلمي والجانب السياسي والجانب الاقتصادي… ، فالتربية هي عملية صقل صفات الإنسان جميعاً، وتتصاعد بها نحو الأفضل، فيصبح لدينا مجتمعا متماسكاً متطوراً مُتخلِقاً، وليس الإكتفاء ببعض مفردات التربية( كالعيب ،ولا تفعل،… الخ) بل ومن الظلم ان تُعلم ابناءك الإعتداء والإستغلال والكذب لأنك أفسدت في فطرة الله سبحانه، فضلاً عن التقصير في التربية أساساً، فنصل لمجتمع يَنحو بجوانب متدنية من التربية ويوليها الإهتمام ويترك الاهتمام بالجوانب القيّمة التي تَبني مُجتمَعه، إلى أين نذهب؟ وماذا ستكون النتيجة بعد بضعة عقود؟. النتيجة واضحة وهو نزول المجتمع تربوياً بسبب الميل والتسابق لمضامين واهية لا تغني عن جوع، لأنه حين تكامل المجتمع، ستنبثق منه صفات تؤهله ليتصدر بقية مجتمعات المعمورة، فليس الفوز ببطولة او في حرب او في منافسة اقتصادية هو الذي يبني الدولة وشعبها، بل هي التربية المُركّزة التي ستُعطيك مجتمعاً سابقاً لغيره من المجتمعات، فحينما يُولي المجتمع إهتماماً بالجانب التربوي ويقوم بتطبيقه عملياً، سينتج احتياجاً تربوياً بمستوى اعلى، وهكذا حتى تُسدُّ كل فجوة يحتاجها أفراده، فنحن مقبلون على أجيالٍ تتلوها أجيال، وإن استمر الأهمال بالجانب التربوي، ستكبر الفجوة بينا وبين الجيل اللاحق وكذا مع الأجيال اللاحقة، حينئذٍ سيصعُب العلاج، وسيحتاجُ المُجتَمع لجهد عالي ليرجع الى ما فقده من صفاتٍ ومن قيم، وسبب كل ذلك هو الأهمال، وكأنه جانبٌ ثانوي، لكن نتائجه نراها الآن واقعاً، من نزولٍ أخلاقي وصفاتي، وتعطيل لكثير من جوانب الفرد والمجتمع، والتي أثمرت عن مجتمع تكثُر فيه المشاكل والعقبات والمِحن، ويبحث عن حلول لها؟ والحل بيد أفراده في إنتهاج منهج تربوي يُحققُ الأمثل لجميع طبقاته.
حارث اللامي