خيال ليس أكثر .... ربما
نظراً لحركة البشرية، والاتجاه الذي تسير به الآن -إن بقيت عليه ولم تنصرف عنه- هل تحتمل أن الأجيال القادمة ربما بعد مئات السنين ستنظر إلينا على أننا أقوام متخلفة متوحشة؟ وذلك بسبب أكلنا للحيوانات! وذلك أنهم قد يتعمقون بدراسة الحيوان اجتماعياً ويرون أن الحيوانات {أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [سورة الانعام اية -38] لهم عادات وأنظمة وتدبيرات لشؤون حياتهم، ويرون أنهم يفرحون ويحزنون، ولهم مناسبات في مواسم معينة، ويكتشفون أنهم يجزعون إذا قُتل منهم فرد، ويتضرعون الى الحق تعالى إن قلَّ رزقهم، وإنّ اعتداء بعضها على بعض له أسباب وجيهة على مستواهم وفي نظرهم. فتعتبر تلك الأجيال أننا جهلاء متوحشون نقتل أمم أمثالنا لكي نأكلهم؟! ربما يكون ذلك … وقد يكون ظهور النباتيين الآن –الذين لا يأكلون لحم الحيوان- نذير بذلك بل بشير.
وقد تقول لا، لقد ذهب خيال الشيخ بعيداً، بل الأمر عكس ذلك، حيث ما نراه من البشر اليوم هو الإقبال على أكل ما لم تأكله الأجيال السابقة، فقد أدخلت على قائمة طعامها أنواع جديدة من الحيوان كان السابقون لا يأكلونها بل لا يتصورون أكلها، اشمئزازاً واستنكافاً، ويرون أكلها انحرافاً عن الذوق، وأحياناً تمنعهم الرأفة من اكلها. فالفضول لدى الإنسان والرغبة النفسية للنزول ستدفعه –ان بقى الحال هكذا- الى أن يجرب كل أنواع اللحوم ومن ضمنها لحم الانسان ، فيأكل الانسان أخيه الانسان، وتتوصل عقولهم النيرة آنذاك! الى الفوائد الجليلة للحم الانسان، ويصرح عباقرة أطبائهم بأن لحم الانسان له من الفوائد ما لا تضاهيه بقية اللحوم ! وأنه يجدد خلايا الجسم ويطيل العمر، وربما طلاء الوجه بدم الانسان أو شحمه يزيل التجاعيد ويعيد للوجه نظارته، وإنّ أكل الغدة الفلانية يقوي الرغبة الجنسية!. وقد يُحلونه في شرعهم –لمَ لا- والذي لابد من أن ينسبوه للسماء ويسندوه بالأدلة الشرعية، ويفتي مفتيهم أن من يجاهد الدين الفلاني أو المذهب الفلاني يحل له سبي النساء والاطفال وأكل الرجال! ويعتبرون أن دفن الميت هدر للثروة الوطنية. أقول: ربما. وربما يجتمع الأمران. أسرح بخيالك، والله العالم بما يكون عليه العباد.