سؤال وإجابة (٥٨)
جناب الشيخ العزيز والغالي…
لماذا دائماً وباستمرار نرى تلك الكوارث مستمرة كالحرائق ( حرائق الدوائر والبشر ) والقتل والحروب والاقتتال بين العشائر والخراب بصورة عامة وما شابه ذلك وعلى التوالي في (عراقنا) ودائماً الخاسر الوحيد فيها هو المواطن وأبناء الشعب؟
بل نراها تزداد كلما تقدم بنا الزمن ؟
بينما لا نرى ولا نسمع كل هذا في بلد من بلدان العالم إلا فيما ندر؟
بسمه تعالى
هذا جوابه من زاويتين، زاوية ظاهرية واخرى معنوية.
اما الظاهرية: فإن سبب ما يحصل في العراق يرجع الى مستوى الجهل العالي الذي يعيشه المجتمع عموماً، وما يسببه هذا الجهل من ظلم وفساد، فحينما نختار اصحاب القرار والمتحكمين بمصائر العباد على اسس ركيكة من قبيل وحدة العشيرة أو المذهب أو الحزب، من منطلق واهم (إن كان من مذهبي فسيحقق مصالحي) فهذا جهل قاتل، حينما يُهمِل رئيس الدائرة دائرته ويهتم بكيفية ايجاد طرق جديدة لأخذ الرشوة فهذا جهل؛ لأنه يجهل أن هذا الفساد سيعود عليه وعلى عائلته واحفاده بالوبال، حينما يخدعنا رؤساء الاحزاب السياسية بالوعود الكاذبة وننخدع لأننا نريد ان ننخدع! فهذا جهل مطبق، حينما نستبدل المبادئ والاخلاق وقيم الاجداد التي ثبتوها بدمائهم، نستبدلها بالدينار والدولار فهذا اقصى غايات الجهل، وكل تلك الجهالات اوصلتنا الى ما نحن عليه.
اما الزاوية المعنوية : فنحن شعب قد اكثر الله تعالى علينا الحجج واعطانا ما لم يعطِ الشعوب الاخرى، ثم نبذنا كل ذلك وراء ظهورنا واوغلنا في مهاوي الفساد بسرعة هائلة، نعم كل الشعوب لديها فساد، لكن هنالك جانب صلاح او اصلاح لديهم، حافظوا على بعض الصفات الحسنة والتي هي محيط نظر الرحمن ونحن تخلينا عن تلك الصفات، تجد الشخص في المجتمع الاخر يشرب الخمر لكنه لا يغش، يحب الاموال بجنون لكنه لا يسرق، اما نحن فقد جمعنا كلا السيئتين، فإن اشد ما نهانا عنه ربنا والذي هو الكذب اصبح عندنا امر طبيعي بحيث لا يخجل الكاذب ان كُشف كذبه، بل اصبحنا نستغرب من الصدق، وقد يلومك البعض اذا قلت الصدق ويعتبرك ساذجاً، وهذا واقع لا يمكن انكاره.
إعلم بني: ان لكل فعل اثر في النظام الالهي، فمن يظلم فلا بد ان يجد اثر ظلمه، ليس بالضرورة ان يكون مرض وانما قد يكون سلباً لصفة الكرم لديه او سلب للغيرة التي عنده، قال تعالى ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) فكانت صفة النفاق هي الاثر للكذب واخلاف الوعود. فحينما ترى اختفاء الصفات الجيدة والعادات القيمة من المجتمع العراقي فذلك ناتج عن بعض التصرفات والافعال السيئة التي كانت سبباً في اختفاء تلك الجواهر.
والمشكلة الكبرى في مجتمعنا هي اننا كلما حلّ علينا بلاء بسبب أفاعيلنا ابتعدنا عن الله تعالى والمفروض ان البلاء او العقوبة تدفعنا نحو اللجوء الى القادر الذي بيده السلطة المطلقة لكننا نذهب بالاتجاه الآخر وكلما ابتعدنا كلما زاد شقاؤنا وكثرت مساوئنا وزاد عطشنا وتغيرت اخلاقنا. نسأل الله القدير ان يزيل عنا تلك الغشاوة حتى نميز ما ينفعنا عما يضرنا.
منتظر الخفاجي