ستــر العيـــوب
إن من الفضائل التي حثنا الله تعالى عليها، وأحب أن يرانا متخلقين بها، هي ستر العيوب. ومحصلها إن رأيت عيباً ونقصاً في أخيك فلا تفضحه، إن رأيته يكذب أو يغتاب أو في جسمه رائحة كريهة أو كثير الكلام أو يتدخل فيما لا يعنيه، استر هذا العيب عسى أن يمن الله عليه بزواله.
ولا توجد أي مصلحة في فضح العيب، ولو كان الفرد ناظرا لمصلحة أخيه لَنَصَحهُ وما فضحه، إنما هي لذة وراحة للنفس الأمارة بالسوء ليس إلا، علما أن لذة الستر أكبر من لذة الفضح وأطول عمراً.
عندما يكذب علينا شخص ما، لماذا نسارع بإخبار أول صديق نلتقيه؟ لماذا أول شيء يخطر على بالنا هو الفضح؟ بل يكون هو المُقدم بالكلام، وربما نبالغ بنقصه ونصور نقصه بأبشع صورة ممكنة عندنا، وندخل في الكذب!.
كلنا لدينا نقائص وعيوب، ولو فضحها الله لما سلّم علينا أحد. لكن الله تعالى ستار. بل أحيانا نعصي الله تعالى جهاراً نهاراً ونتعدى حدوده ونجعله أهون الناظرين، وحين العصيان يسترك من أن يراك أخوك!. هذا هو الخُلق الشريف الذي يريده الله تعالى لنا، فهو يريدنا أن نتخلق بالأخلاق التي اصطفاها لنفسه، ولم يحتكرها.
ودعنا من مسألة التخلق بأخلاق الله، فلتذهب، ربما لا نستحقها، إنما من باب، عسى الله أن يستر عيوبنا يوم الحساب، فإنه تعالى يستحي أن يرى العبد يستر عيب أخيه وهو لا يستر عيب العبد، فإن كبرياءَه تأبى ذلك.
ومن العجب العجاب، أن بعض الناس لا يرى عيباً لأحد إلا وفضحه ويأتي في الليل ويرفع يديه ويقول: اللهم استر عيوبي…. عجيب! هو طلب منك أن تستر عيوب عباده لغيرته عليهم من الفضيحة، ولم تستجب لطلبه، وتطلب منه الآن أن يستر عيوبك وتريده أن يستجيب لك؟ ألا تستحي؟ ربما يستر عيوبه، أنا لا أعلم.
– وله المنة –