مخــاطر اجتمـــاعية

الميل للهو والابتعاد عن الجد

مخاطر اجتماعية

     ترى في هذا الجيل ميلاً كبيراً للهو واللعب، والاهتمام بأمور ليس فيها منفعة كبيرة، والابتعاد عن الأشياء التي تنفعه في حياته، وهذا واقعاً وَلَّدَ وسيولد جيلاً هزيلاً في أدنى درجات الذكاء، يصعب عليه تحمّل مسؤوليته، بل سيبقى هذا الجيل في عمر الطفولة مهما بلغ من السنين.
     النفس بطبيعتها ميالة الى اللعب والتسلية وكلما اعطيتها شيئاً طالبتْ بما هو أكبر منه الى ان تحتل كل كيان الانسان؛ حينها سيضمحل العقل وينطفئ نور القلب، حيث ستوسع النفس مساحتها لتشمل مساحة العقل والقلب.
     نعم لا بأس بأن تعطي النفس بعض رغباتها لكن ليس كل ما ترغب فيه، وأيضا يجب ان تعطي حقوق الجوانب الأخرى من شخصيتك، أن تعطي نصيباً من وقتك واهتمامك لقلبك وعقلك وجسدك.
أما طلب المُتع واللذائذ فغير منحصر بمجاراة أهواء النفس وشهواتها.
     فحينما تساعد أخاك او صديقك او جارك وترى السعادة في وجهه سوف تشعر بلذة كبيرة وحقيقية، حينما تبتكر شيئاً ما، او تفكر بمسألة وتصل الى نتائجها دون مساعدة أحد سوف تشعر بلذة وسوف تستمتع بذلك. فبمقدورنا ان نحوّل مُتعنا ولذائذنا من مُتعٍ جوفاء ليس لها أثر الى مُتع حقيقية وبنّاءة في المجتمع او في شخصياتنا.
     ان الفترة المنحصرة ما بين سن العاشرة وسن العشرين هي الفيصل في تقرير توجهات الانسان او تثبيت ركائز شخصيته، فمن يقضي هذه الفترة باللهو واللعب فسوف يجابه الحياة وهو عاجز عن خوضها وسيبصر نقائص شخصيته حينما يجابه الواقع.
     قيمة المرء بمقدار بناءه الذاتي، فكل ما تبنيه في الخارج هو ليس لك لأنه ليس أنت وهو مفارقك لا محالة، أما البناء الذاتي فهو قيمتك وملكك الدائم، يذهب معك أين ما ذهبت، وهو من يقرر نوع حياتك في العالم الآخر، وعلى مقدار بناء شخصيتك سوف يقيّمك المجتمع، أي مجتمع كان.
     فيجب علينا وخاصة الشباب من أبنائنا أن يوازنوا حياتهم بين اللهو والجد، ان يجعل الفرد منا وقتاً ولو قليلاً للأمور الجادة التي يُفعّل من خلالها جوانب شخصيته، لا أن يدفن ذاته ويعطل امكانياته بلعبة بوبجي وامثالها، بحيث ينسحب كلياً من الواقع ويعيش كذبة منظمة، وحينما يصحوا منها سيجد كثيراً من الأشياء المهمة قد فاتته ولن يستطيع الرجوع إليها واستدراكها.
     نعم انا معك… حينما تمسك كتاباً وتنوي قراءته يصيبك الملل وربما تغفو وانت جالس… لا بأس، كلنا مررنا بهذه المرحلة لكن مع الإصرار سيزول الملل ثم بعدها يتحول الى متعة ثم بعدها سيكون الكتاب أفضل صديق لك، وهكذا كل الاعمال الأخرى مهما توهمنا صعوبتها واستحالتها. حينما تجعل من اللهو واللعب جزاءاً ومكافئة على انجازك لعملٍ نافعٍ هنالك ستكون لذة اللعب مضاعفة ولا تبقى تلك الغُصة في قلبك وسيزول عدم الارتياح العميق الذي كنت تشعر به.
     ليس بين الأشياء ما هو مهم وغير مهم، إنما نحن من نجعل هذا مهم وذاك غير مهم، وهنا يجب ان يُحكَّم العقل في ترتيب الأولويات وإعطاء الاهميات.

منتظر الخفاجي

اترك تعليقاً