وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى

وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى 1

    يغتاظ الفرد غالبا وينفعل من تصرف الشخص الذي يكون لتصرفه وطأة عليه، سواء أكان هذا التصرف حقا أم باطلا. فالعامل أو الموظف ينفعل من توبيخ وتعنيف مسؤوله حتى وإن كان بسبب تقصيره، وغالبا ما يضطر هذا العامل الى كبح وكبت هذا الانفعال والانزعاج والذي يصل أحيانا الى درجة الرغبة بالتجاوز على المسؤول ، لكنه خوفا من العقاب أو حرصا على مصلحته أو تأدبا مع مسؤوله يكبت هذا الانفعال، لكنه لا يبقى طويلا فعندما يعود الى منزله مثلا ينفجر في وجه زوجته لأتفه الأسباب أو حتى بدون سبب؛ وذلك لأنه نقل غضبه وعدوانه من القوي الى الضعيف، أي من سبب الغضب وهو المسؤول في المثال الى بيته حيث لا توجد قيود تؤدي الى الكبت، ثم هذه الزوجة تنفعل أكيدا من تصرف زوجها فتصب غضبها على طفلها بالضرب او اللوم أو التقريع أو غيره، والطفل يفرغ انفعاله على أخيه الأصغر أو على ألعابه أو على أغراض المنزل أو يمتنع عن الطعام، وقد تنتهي الثورة هنا وربما تنتقل إلى بيت آخر، هذا إن اتخذت هذا الطريق.

     أما إن كان هذا الفرد الذي تعرض للضغط أو الإهانة من رئيسه صاحب مسؤولية، أي مسلط على شيء من مصالح العباد وعمران البلاد، فهنا الطامة الكبرى، فسوف يؤثر بكل ما دونه سلبا ويجعل العمل جحيماً، وقد يصل به الأمر إلى الانقطاع عن العمل والجلوس في داره، فيعطل مصالح العباد الذين جعله الله تعالى مسؤولا عن قضاء حوائجهم في الدنيا ومسؤولا عنهم من قبل الله تعالى في الآخرة، بل هو من الذين يحاسبون مرتين. فبفعله يعاقب الناس بما لم يقترفوا ويحملهم ما لم يفعلوا، فيقع في الظلم من حيث لا يشعر. وكل ذلك ثأرا لنفسه ليس أكثر، وممن؟ ممن ليس له في الأمر شيئاً.

     وأما الخلاص من هذه المرض المُعدي وقطع دابره فلا يخرج من صورتين حسب الظاهر، وهما:

    الصورة الأولى: وهي الحل الأدنى، أن يعود بغضبه وجزعه على السبب الأول، ولنقل هو المسؤول، ولا يزحف إلى غيره. لكنه حل قاصر.

    الصورة الثانية: وهي الحل الأمثل، ويكمن في الحلم عمن أسخطك، وتوأد المشكلة في حينها ولا تنتقل إلى الغير، وإن لم يكن الحلم مستطاعاً ففي التحلّم وأعني كظم الغيظ فإنه كفيل بقطع دابر هذا الانفعال إلى أن يميته في صدره ويقطع به الأثر السلبي ويغلق بوابة الإفساد. والاستمرار على كظم الغيظ يوصل الى الحلم. وبه يكون محمودا ومحبوبا من قبل ربه، قال تعالى: ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) [سورة ال عمران اية 134[،وقال الرسول الأعظم : ( مِن أحب السبل الى الله تعالى جرعتان: جرعة غيظ يردّها بحلم وجرعة مصيبة يردّها بصبر) جامع السعادات ج1 ص 334 ] ،وكذا عن الإمام الكاظم عليه السلام : ( اصبر على أعداء النعم، فإنك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه ) [أصول الكافي ج2 ص 110].

وله المنة

اترك تعليقاً