يـــوم ردِّ الفضــــل
لا يوجد يوم بهذا الاسم إلا في خيال هذا الشيخ، كان يتمنى أن يكون هنالك يوم في محرم نحاول فيه أن نرد جزء من فضل سيد الشهداء الحسين عليه السلام وأصحابه بل وكل من ضحى لاجلنا. نتخلى في هذا اليوم عن تجارتنا الزاخرة التي نخشى كسادها !، ونعمل بعض عمل الأحرار، أعني ليس بنية طلب الأجر والجزاء إنما رداً لفضل هؤلاء علينا، ليس يوماً بل ساعة واحدة. لكنه خيال من خيال.
ورغم ذلك فإن بيانه قد ينفع، وربما تُنزِلهُ الى ساحة التطبيق والله ولي التوفيق.
من المعلوم أننا سمعنا قول الرسول الأعظم لسيد الشهداء: ( ان لك عند الله مقامات لا تنالها إلا بالشهادة ) [أضواء على ثورة الامام الحسين]، ومن المعلوم الذي لا يقبل الشك أن الحسين عليه السلام لم يخرج لأجل تلك المقامات بدليل قوله إنما خرجت طلباً للإصلاح في أمة جدي رسول الله، بل ولم يُسمع منه في كل المواطن أنه خرج طلباً لتلك المقامات، إذن هو خرج من أجلنا – إن كنا أمة جده-، وعندما أقول لأجلنا، لا أقصد الشيعة بل ولا المسلمين، وإنما كل من كانت له الإمكانية ليكون في أمة رسول الله. ونفهم من ذلك أنه لم يكن في حسبانه عليه السلام تلك المقامات، إنما فضّل إصلاحنا وما تقتضيه مصالحنا على تلك المقامات. فكانت تضحيته من أجلنا، وليس من اجل الإسلام كمفهوم أو معتقد، وإنما من أجل الناس الذي نزل لهم الإسلام والذين من المفروض أن يتلبسوا بذلك المعتقد ولو بعد حين.
فكل ما قدّمه عليه السلام، من نفسه وماله وعياله وأصحابه وأحبائه، وكل ما مر به من صعوبات وبلاءات وظلم وآلام هو من أجلي ومن أجلك بصراحة ودون تورية.
وبناءاً على ذلك أقول: ما الذي قدمناه له نحن بالمقابل؟..؟..؟
أليس من العدل ومن الأدب ومن الفطرة السليمة بل من الأصول العرفية، أن نقدم لمن يقدم لنا؟ أن نقابل الإحسان بالإحسان؟ أليس من يقدّم لنا صحن من الرز نكن له من الشاكرين ؟! بل ونتحير ماذا نقدم له بالمقابل وهن رزات لا يغنينَ من جوع!.
أليس من العدل أن نقدم لهذا الذي طلق المقامات العلى من أجلنا، أن نقدم له شيء بالمقابل، أقله من باب ( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [ سورة البقرة اية 237 ] وهل يكفي البكاء وملازماته جزاءاً على ما قدم لنا – علماً أن البكاء لنا وليس له؟ ربما يقول قائل: وهل مثل الحسين من يحتاج إلى تقدمتنا ؟! أقول: بلى هو غير محتاج لنا قطعاً، لكن ليس هذا ما أردتُ، ولا من هذه الزاوية نظرت، إنما من باب حفظ الأدب، من جهة أننا غير ناسين لفضلك عملياً لا لفظياً، من زاوية إدخال السرور على قلب مولاك، عندما يرانا نحاول ونفكر ماذا نقدّم له، أعتقد أن هذا سيدخل السرور على قلبه وان كان في أيام الحزن، لأنه سيرى أن مواليه يقدّرون ما أقدم عليه.
نقدم له أي شيء لكن ليس بنية الطمع بالمقابل – وإن كان لا بأس بها، لكن نحاول أن نرتقي بأنفسنا وأعمالنا قليلا – وإنما بنية أنه عليه السلام يستحق ذلك، كما أنه (ع) عندما قدّم ما قدّم لم يكن يرجوا منك شيئاً بالمقابل فكن مثله، بفعل واحد ليس أكثر، وإن كان صغيراً ولو بكلمة، بشربة ماء تسقي بها حيوان، بنية ردّ الفضل لصاحب الفضل الأكبر عليه السلام، وان لم توفق فلا تُعدم شرف المحاولة، عندها نكون نعم الأولياء البارين بأوليائهم، ثم ابكي كما تشاء.