آثــــــار الزيــــــارات

آثار الزيارات 1

     ربما لاحظ أغلبنا عند ذهابه لزيارة الأماكن المقدسة أو مراقد الأنبياء والأولياء، سواء كانت المقدسات الإسلامية بالنسبة للمسلم أو المسيحية بالنسبة للمسيحي او اليهودية بالنسبة لليهودي أو غيرها لغيره، بل كل موحِّد يؤمن بملازمات توحيده، يلاحظ ويتذوق عند زيارة هذه المقدسات طروء حالة من الصفاء والنقاء الباطني والحضور القلبي، ويشعر بارتقاء مستواه الايماني، ويحس براحة داخلية، وكأنما أُزيل شيء عن كاهله، يجزم بأن حاله الآن اختلف عن حاله قبل الزيارة.

      والسبب يعود إلى طهارة إقباله على هذه البقعة المباركة الموجب لشفاعة صاحبها في الدنيا والمتمثلة بنزول هذا المستوى الايماني -إن كان أحد الأنبياء او الأولياء-أو عطاء ألهى مباشر إن كانت البقعة منتسبة لله بالانتساب المباشر، وكله عطاء من الله تعالى وان اختلفت الأبواب، لأن من يقبل على بقعه مباركة أو ولي من أولياء الله هو يقبل عليه لانتسابه إلى الله تعالى وليس لشخصه المجرد.

      ثم بعد الانتهاء من زيارته …. يبدأ هذا الوهج الايماني بالتضاؤل والاضمحلال حتى يرجع الفرد بعد مدة ليست بالطويلة إلى وضعه وأفعاله وصفاته السابقة، ويصبح في شوق تلك الحالة السابقة.

      والسبب في هذا الرجوع هو عدم استغلال الفرد لهذا العطاء، لا أقول إن من المتيسر للفرد أن يبقي هذا الشعور الذي حصل عليه مستمراً، فهذا أمر غاية في الصعوبة، لكنه يستطيع أن يبقي على الأثر المستتبع لهذا الشعور مستمراً، وهو الأساس.

      وللمحافظة على ما تَحصّلَ له من زيارته تلك ينبغي عليه عند انتهاءه من الزيارة أن يوجب على نفسه خطوة إيمانية تكون تثبيتاً للمستوى الجديد، كالإقلاع عن ذنبٍ معينٍ إن كان من أهل الذنوب، وان لم يكن منهم فإيتاء عملاً مستحباً والمواظبة عليه، أو استهداف أمر أخروي إن كان من أهل الهمم. والدافع لذلك موجود والإرادة متيسرة وهو ذلك الوهج الايماني الذي اكتسبه، حيث ينبغي أن يرى الفرد انه أحدث فرقاً بين وضعه الايماني او العبادي قبل الزيارة وبعدها.

      فيجب استغلال هذا العطاء الإلهي ليكون منطلقاً لبدأ حياة عبادية أرقى من السابق، و ( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) [ سورة إبراهيم اية 7  ] وأفضل أنواع الشكر هو بيان نعمة المنعم على نفسك.

وله الحمد

اترك تعليقاً