الذكاء والغباء

الذكاء والغباء 1

     لكل فرد منا درجة من درجات الادراك والتعقل يتميز بها عن غيره، لذا نقسم الاشخاص الذين نعرفهم بأن فلان ذكي وفلان غبي وفلان متوسط الذكاء وهكذا، وهذا امر واقع. لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو كيف أصبح فلان ذكياً وفلان غبياً؟ وهل يستطيع هذا الغبي ان يكون ذكياً؟ او هل بمقدورنا ان نجعل من هذا الذكي غبياً؟.

      للوقوف على هذا الامر نحتاج ان ندرك امراً وهو ما الاسس والمقومات الاولى التي ساهمت بصياغة العقل صعودا او نزولا ما بعد مرحلة التكوين، وهنا نناقش اساسين:

    الأساس الاول: الوراثة.

    الأساس الثاني: البيئة.

    فالوراثة لها دور كبير بتحديد مستوى ادراك وتعقل الفرد وهذا امر قهري ليس بمقدور الانسان دفعه قبل وقوعه، لكن لا يعني ذلك ان ليس بمقدوره دفعه بعد وقوعه.

     الثاني: ان بيئة الانسان واعني بها مجموع المؤثرات الداخلية والخارجية التي يعيشها الانسان هي الدافع لتحريك الانسان بأي جانب من جوانبه على مقدار سعة تلك البيئة، فمن يعمل بقالاً او موظفاً في دائرة ما فإن بيئته ستكون محدودة بحدود عمله ومقتصرة على مفردات معدودة واساليب تنوع قليلة جداً بل ان كل معطياتها في مرتبة واحدة من ناحية المستوى العطائي، لهذا اذا تمكن من استيعاب المستوى العقلي لهذه البيئة واخذ منها درجات التحريك العقلي عندئذ سوف يتوقف بانتهاء تلك المفردات التي حوتها تلك البيئة فليس بمقدورها ان تعطيه اكثر الا بالاستحداث.

     ان تفاوت البيئات بالعطاء العقلي هو عنصر مهم في تحديد مستوى ادراك الفرد، فاذا اراد هذا الانسان ان يرفع مستوى ادراكه وتعقله مهما كان سبب ضيق عقله سواء وراثيا او اكتسابياً فيجب عليه ان يخطو بعض الخطوات، واذكر منها:

    اولاً: ان يغير بيئته العقلية من بيئة ضيقة الى بيئة اوسع من جهة كثرة المفردات وتنوعها وكذلك من جهة قيمة المفردات بالمقياس العقلي، فكلما توسعت بيئته وتنوعت أجبرت العقل على مسايرة الوضع الجديد من خلال توسع الاستيعاب وتسريع عملية الادراك والتعقل، وليس هذا معناه ان يترك عمله وينتقل الى عمل اخر! بل يستطيع ان يوسع بيئة عمله نفسها ويستحدث فيها جوانب جديدة.

     ثانياً: ان اغلب البشر عادة يفكر وينظر لما يواجهه من الزاوية الاسهل تجنباً لضغط التفكير، وهذا كفيل بإبقاء العقل في مرتبة واحدة لا يتعداها الا بأمور بسيطة جداً تكاد لا تلحظ.

    فمِن سُبل تطوير العقل وتوسيع ادراكه هو ان يتفكر الفرد بأعلى درجة من درجات الفكر التي بلغها وان كان قد يواجه صعوبة نوعاً ما في ذلك، لكن هذا هو السبيل للحصول على نتائج ودرجات جديدة، والا ان اقتصر على التفكر بالأمور البسيطة والمقدور عليها فإنه حينئذ لن يضيف شيئاً لمستواه السابق؛ لان كل ما فكر به قد تجاوزه في اول امرٍ واجهه من ذلك المستوى فيكون فعله هذا بمنزلة التكرار للفعل.

     ثالثاً: ينبغي ان يتحول الفرد تدريجاً من مرحلة الاستقبال الى مرحلة الفاعلية او الاستحداث. فكما هو معلوم ان اغلب افراد المجتمع هم عبارة عن مستقبلين لأفكار الغير، نعم قد يحصل تغيير طفيف حين التطبيق وهو تابع لمرتبة العقل، لكن اغلب العقول هي مستقبلات ليس أكثر. فينبغي لأجل تطوير العقل ان يبدأ الفرد بمحاولة استخراج افكار جديدة وان كانت ناقصة او خاطئة لا يهم؛ لان الغاية هي تفعيل قدرة العقل الاستنباطية او الاستحداثية؛ لأجل ان ينتقل من كونه مستقبِلاً الى كونه منتجاً فاعلاً. وهناك امور اخرى لكن قد تُعقد الامر.

 

This Post Has 2 Comments

  1. ms20m

    ربي يحفظ سماحة ابونا

  2. ms20m

    وفقكم الله تعالى

اترك تعليقاً