آية وتفسير
قوله تعالى: {كتب على نفسه الرحمة} الكتابة هو الإثبات والقضاء الحتم، وإذ كانت الرحمة ـ وهي إفاضة النعمة على مستحقها وإيصال الشيء إلى سعادته التي تليق به ـ من صفاته تعالى الفعلية صح أن ينسب إلى كتابته تعالى، والمعنى: أوجب على نفسه الرحمة وإفاضة النعم وإنزال الخير لمن يستحقه.
ونظيره في نسبة الفعل إلى الكتابة ونحوها قوله تعالى: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} المجادلة: ٢١ وقوله: {فورب السماء والأرض إنه لحق} الذاريات: ٢٣ وأما صفات الذات كالحياة والعلم والقدرة فلا تصح نسبتها إلى الكتابة ونحوها البتة لا يقال: كتب على نفسه الحياة والعلم والقدرة.
ولازم كتابة الرحمة على نفسه ـ كما تقدم ـ أن يتم نعمته عليهم بجمعهم ليوم القيامة ليجزيهم بأقوالهم وأعمالهم فيفوز به المؤمنون ويخسر غيرهم. الى هنا انتهى تفسير الميزان
أقول أن الله تعالى في حديث قدسي كتب إن رحمته سبقت غضبه وهذه الأسبقية والتي هي الرحمة تنال كل فرد منا المطيع والعاصي، فالحق سبحانه ابتداءنا بالرحمة قبل أن يوجدنا وقبل أن توجد أعمالنا، وهذه دلالة على محبته لنا التي لا نقابلها إلا بالتقصير والغفلة والعناد والكفر والتعلق بالأسباب، وهذا هو الجحود بعينه،
وفي تفسير آخر لاحد العرفاء فيقول كتب أي قضى على من تشبه به أي تخلق بأخلاقه أن يتعامل مع عباد الله بالرحمة كما هو حال رسول الله (ص) انه دائماً رحيم حتى بأعداءه ولم يدعوا عليهم بالشر، وكذلك حال الإمام الحسين عليه السلام تعامل بالرحمة مع أعداءه.
سورة الانعام اية 12
المصدر:تفسير الميزان