التــــــردد
اغلب مفردات حياتنا تتطلب منا اتخاذ قرارات مناسبة نخرج من خلالها بنتائج مرضية، فنعمل بما اوتينا من اجل اتخاذ القرار المناسب.
لكن في بعض هذه المواقف نصاب بالتردد حين اتخاذ القرار، من قبيل التردد في اختيار الاشياء، او التردد في اختيار التصرف المناسب، فعندما يكون الفرد في موضع التخيير بين شيئين او اكثر يتردد احيانا باختيار الشيء المناسب لقناعته، وايضا وفي كثير من الاحيان يكون التردد في اخراج ما في القلب من مشاعر وعواطف وأحاسيس على الرغم من وجود ادراك ذهني بأن الاظهار هو الانسب، فربما اضاع الفرد فرصته او اضاع الوقت الامثل بسبب هذا التردد، وايضا هناك التردد الفكري وأعني التردد في طرح الافكار والمعارف واخراجها من ساحة العقل الى الواقع والذي قد يمنع من إفادة الغير، وهناك الكثير من موارد التردد.
أما منشأ التردد عموما فهو يعود لعدة أسباب أبرزها ثلاثة :
أولاً: توفر مساحة الاختيار.
ثانياً: التشابه بين الطرفين وتقارب قوتهما.
ثالثاً: الخوف من سوء نتائج الاختيار.
ونستفيد من هذا المنشأ ان التردد تارة يكون عقلي وأخر نفسي. وجوهر العقلي هو بحث العقل عن مرجحات منطقية لأجل تقوية أحد الطرفين على الاخر، وهذا من التردد الايجابي لأنه يبعد الانسان عن اتخاذ قراره على اسس ساذجة وبسيطة ويعطي الفرد نظرة شاملة ودقيقة للأمور التي تواجهه ويرفع من سقف المرجحات.
وأما التردد النفسي فهو الناشئ عن اسس نفسية كالخوف والطمع والخجل وغيرها، والذي يعيق الفرد عن اتخاذ قراره جراء تفاعل هذه الجوانب مع أمر الاختيار، وهو ليس في واقعه الا وهم نفسي، اعني أنّ طرف الاختيار هو حالة نفسية متمكنة من المختار لا تركن الى اسس صحيحة، فتكون فترة اتخاذ القرار مبنية على وجود معرقل نفسي، وربما غَلبَ هذا التأثير صاحبه فيتخذ القرار او الطرف النفسي من طرفي الاختيار، وهذا القسم من التردد هو سلبي أكيداً.
وغالبا ما يسبب التردد أضرار عديدة للفرد والتي منها:
أولاً: التأثير على الحالة النفسية للفرد من خلال الضغط النفسي والعقلي المتولد منه.
ثانياً: ارباك العقل وتشويشه والذي قد يبعده عن رؤية مصلحة صاحبه.
ثالثاً: تضعيف الارادة وقتل الهمة، فالمكوث فترة بين طرفي الاختيار يضعف الارادة تجاه الفعل.
رابعاً: اذا طال التردد بين طرفي الاختيار فأحيانا يولد تمكن الطرف الضعيف اعني وان استُبعدَ في الاختيار لكنه قد يتمكن من التعلق ولو بنسبة ضئيلة بحيث لو واجهت الفرد ادنى صعوبة فيما اتخذه من قرار فسوف يصاب بالندم لاختياره هذا الطرف وتمني الطرف الاخر.
لذلك ولأجل تجنب الترد السلبي يجب عزل الجانب النفسي قدر الامكان حين الاختيار او طبقةً منه.
وكذلك يجب الاقدام حين حصول الاطمئنان بطرفٍ ما، أعني الجزم بالقرار حين تحصيل أي مرتبة من مراتب الاطمئنان؛ لأن التأخير غالبا ما يكون كفيل بإزالة ذلك الاطمئنان والرجوع الى النقطة الاولى، نعم هناك احتمال انه قد يرفع التأخر من درجة الاطمئنان لكن هذه مغامرة فاقدة للمنفعة لأن زيادة الاطمئنان المفترضة ليس لها الا ان تدفعك لأداء الفعل واتخاذ القرار وهذا ما يتحقق في الدرجة الدانية للاطمئنان التي ذكرناها لذا ينبغي عدم الاطالة في الاختيار.