أجوبة الأخلاق العليا

أجوبة الأخلاق العليا 1

ملاحظة: إضغط على أيقونة السؤال للأطلاع عليه.

السلام عليكم شيخنا الجليل ورحمة الله وبركاته.

شيخنا الجليل المواضيع التي تطرحها لها وقع في نفوسنا وعقولنا وتثير العديد من التساؤلات فعذراً لهذا التطفل، قلتم في محاضرة الإنسان بأن الصفات مودعة لدى الإنسان متى ما تحققت بالخارج كانت هي مقياس إنسانيته وأوردتم مثال الكرم والغضب.

سؤالي هو:

أولاً: إن الصفة المودَعة في الإنسان كصفة الكرم مثلاً وهي صفة أودعها الحق سبحانه بصورة متكاملة، وهي صفة من صفاته سبحانه، وان التي تتحقق بعد الفعل هي جزء من هذه الصفة ويكون الإنسان بها كريماً، فهل صفة الكرم هي نفسها صفة الكريم؟ وحد علمي أن الكرم صفة، ولا يوجد لها موصوف سوى ذات الكرم، والكريم صفة موجود، موصوفها وهو الإنسان الفاعل لصفة الكرم فهل هي نفسها؟

ثانياً: هل المطلوب من الإنسان أن يطبق كل الصفات المودَعة لكي يصبح إنسانا يستحق أن يكون خليفة الله في أرضه؟.

ثالثاً: هل يوجد ترابط بين الصفات المودَعة؟ وإن كان فما نوع هذا الترابط؟.

عذرا لهذه الكثرة من التساؤلات فما أفضتم به لم تتسع به صحون قلوبنا ففاضت بهذه الأسئلة.

الجواب

بسمه تعالى

عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته

وبالنسبة لما تفضلتم:

أولاً: لا نستطيع القول إن صفة الكرم مثلاً الموجودة في الإنسان هي صفة الكرم المتصف بها الحق سبحانه، إنما يمكن لنا القول إنها امتداد لصفة الكرم الإلهي، فيحتمل الإنسان منها على قدر استعداده وقابليته للاتصاف بتلك الصفات، وكلما ترقى اكتسب مستوى جديد من تلك الصفة عن طريق الحبل الممدود بينه وبين منبع الصفة سبحانه، وعلى هذا تكون صفات الإنسان كاملة قوة ناقصة فعلاً، وهو في مسيره متمم لهذا النقص عن طريق استفادة كمال الصفة من الكامل جل جلاله، لهذا عندما يقول المعصوم: (نحن صفات الله)[1] فهي ليست خاصة بهم.

ثانياً: نعم يجب أن يتصف الإنسان بكل الصفات المودعة فيه ثم يكملها.     

 ثالثاً: يوجد ترابط بين جميع الصفات، لكن تحصيل ذلك يكون عن طريق الكشف.

 

[1] -الشيخ الكليني، الكافي، ط 5، ج 1، ص 144

سماحة الشيخ. هل في الإعراض عن السائل الذي نشك في صِدقه إثم؟.

الجواب

بسمه تعالى

إن الإعراض عن السائل هو ردّ له، سواء كان صادقاً في سؤاله أم كاذباً، لكن لا يترتب على الإعراض إثم، إنما قد يكون فيه تفويت للتخلق بخُلُق إلهي بما أننا نرى ربنا سبحانه يعطي الصادق والمدعي. أيدكم الله بتأييده.

شيخنا الجليل حفظك الله تعالى. ألا تجد أن تعامل الأجير مع المالك من أجل الأجرة هو عين المصلحة والمادية؟. ونكون بذلك عباد ليس للمالك وإنما للأجر ولا يمكن التعامل مع المالك الحقيقي (الذي هو الله تعالى) بهذه الطريقة المادية.

الجواب

بسمه تعالى

ما ذكرت هو الحق، لكن لن تصل إلى الثانية إلا عِبرَ الأولى.

 سماحة العالم الرباني الشيخ منتظر الخفاجي السلام عليكم ورحمة الله.

شيخنا العزيز: إذا تحول الأجير الذي ينظف النجاسة إلى عين نجاسة فكيف السبيل إلى التنظيف قبل أن يُطرد الأجير من البيت، أي أصبح هو من يدنس البيت لا أنه ينظفه؟ أجبني شيخي الفاضل بالله عليك.

الجواب

بسمه تعالى

 عليكم السلام ورحمة الله تعالى

إن كان كما تفضلت وهو يعلم بذلك، فليس له إلا إن يترك التطهير ويوكل تطهير البيت لصاحبه، عندها سيَطهُر هو والبيت. سدد الله خطاكم.

شيخنا العزيز ذكرتم في إجابة سابقة ان الله سبحانه يريد لنا أعلى مراتب الكمال الانساني، فما هي هذه المراتب؟ ولماذا الغفلة عن كمالها؟.

الجواب

بسمه تعالى

إن أفضل ما يلخص ذلك هو قوله جل وعلا: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[1] فتطهير الانسان من مساوئ الصفات ومعايب الاخلاق ولوث النفس لهو من المراد الإلهي، والذي تستنزل به النعمة التامة وهي الوصول للغاية الإلهية من وجود الانسان بصورته الحالية.

وأما سبب غفلة الانسان عن غايته والسعي في سُبلها؛ فمردّه الى تعلقاته الدنيوية، فحينما يمتلئ إناء قلبه بالعلائق المادية فلن يبقى له مجالاً للالتفات لمصالحه المعنوية.

والله تعالى وحده العالم بحقائق الأمور

 

[1] – سورة المائد/ الآية 6

سيدي ومولاي سماحة الشيخ المربي أرجو أن تتفضل بالإجابة عن تساؤلاتي:

 كيف يستطيع الفرد الرجوع إلى الله بعد ارتكابه الذنب؟

وكيف يشعر برضا الله بعد الانقطاع عنه؟

ولكم جزيل الشكر والامتنان. 

الجواب

بسمه تعالى

 سألتم عن كيفية الرجوع إلى الله تعالى بعد ارتكاب الذنب، واقعاً هو لم ينقطع عنك إنما أنت أنقطت عنه، فلا تحتاج إلا إلى حسن الظن بعفوه، ثم أنسَ ما كان.

أما كيفية الشعور بالرضا الإلهي، فهو انشراح يحصل في الصدر وراحة تنزل بالقلب.

 شيخنا الجليل سماحة العارف بالله منتظر الخفاجي دام عطاؤكم. الكثير يقول ان العلاقة الأخلاقية بين العبد وربه هي علاقة خاصة فلا يُزكى العبد أخلاقياً إلا من الله تعالى فهل هذا صحيح؟ وهل يمكن ان لا يُبان ذلك في تعاملاته مع الخلق؟

الجواب

بسمه تعالى

لا بأس بهذا القول، لكن هنالك مقدمات واجبة على العبد والتي تكون كاشفة أو داعية لتحرك الارادة الالهية في تطهير ذلك العبد، نعم قد تختلف ظهورات هذه الارادة من فرد الى آخر.

من جهة أخرى، فإن الله تعالى يتعامل مع الخلق بأخلاق واحدة، نعم تختلف أساليب التعامل على حسب مرتبة الأفراد مع بقاء الأخلاق نفسها.

سماحة العارف بالله الشيخ منتظر الخفاجي دام فيضكم. ما الذي رآه الأنبياء والأولياء من صفات الله تعالى وأخلاقه المقدسة حتى استطاعوا أن يضحوا بالغالي والنفيس في سبيل طاعته والتبليغ برسالاته من أجل هداية الناس، نرجو من سماحتكم بيان ذلك؟.

الجواب

بسمه تعالى

لم يروا شيئاً غريباً، بل هي نفس المفردات التي يتعامل بها الحق معك في كل يوم، الفرق أنهم –عليهم السلام– رأوا وانت لم ترَ، فتعامُل الحق مع الكل سواء، وأخلاقه واحدة في كل مراتب وجوده.

والله تعالى أعلم.

 سماحة العلامة الشيخ منتظر الخفاجي دام عزكم. ما هي الرسالة الأخلاقية التي اراد الله تعالى إيصالها الينا من تعامله الأخلاقي مع جميع خلقه فضلاً عن الناكرين والجاحدين والمعاندين منهم؟

الجواب

بسمه تعالى

الله عز وجل يريد لنا أن نتخلق بأخلاقه فبين لنا أخلاقه التعاملية مع الخلق حتى نعمل على التخلق بها وتطبيقها في تعاملاتنا معهُ بالدرجة الأولى ثم مع الخلق بالدرجة الثانية، وإلا فمن لم يفهم الأخلاق الإلهية يصعب عليه فهم التعامل الصحيح مع الحق تعالى؛ بل سيسيئ الادب من حيث يريد الاحسان.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤال لسماحة الأب المربي شيخنا الفاضل.

ورد في كتاب سماحتكم الموسوم (قواعد الإيمان من بين يدي القرآن): ((يجب أن يستمر الإنسان بمسألة التطهير ولا يتوقف عند حد معين فإن موارد الإشراك كثيرة جداً… لأن نية التطهير هي التطهير وتؤدي إلى التطهير))[1].

   لذلك ذكرتم سماحتكم ((إن لم يستطع أن يوجِد الإنسان شيئاً من الطهارة في نية فعله فالأولى الترك؛ لأن الترك لله خير من العمل لغير الله تعالى))[2].

فسؤالي هو:

لو أن الإنسان جسّدَ كل ما تفضلتم به عمليا وأخلص نيته لله عز وجل وحده في كل أعماله وطهّر قلبه عن كل ما سواه جل جلاله وترتب على ذلك مقبولية واستحسان ومدح وثناء ولربما عطاء مادي في بعض الأحيان وهو لا يرجو ذلك لأنه يعمل بمبدأ إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورا. فهل أن هذه النتائج العرضية التي ترتبت على الأعمال الخالصة لوجهه الكريم من مقبولية واستحسان ومدح وثناء للمخلص في عمله تؤثر على نية طهارة عمله، وما هو الأسلوب الأنجع للحفاظ على طهارة النية الخالصة في الاعمال وعدم تلويثها بالإشراك؟ وكما أسلفتم القول بأن موارد الاشراك كثيرة جداً، وهل هذه النتائج المترتبة تعتبر إحدى موارد الاشراك ام لا؟  وشكراً لسماحتكم.

الجواب

بسمه تعالى

عليكم السلام ورحمة الله تعالى.

اعلم ايدك الله بتأييده، ان كل عمل يقدمه العبد لله تعالى وان كان خالصاً لوجه ولا يرجو منه جزءا أو ثواباً، فإن الله تعالى سيقدم له مقابل ذلك العمل، ليس أجراً او جزاءاً على عمله إطلاقاً، وانما اخلاقه تأبى ان لا يقابل الاحسان بإحسان، وأما إن كان العبد بهذه المرتبة الذي ذكرتها من تجريد النية، فإن القبول الالهي والاستحسان والثناء والعطاء انما هو اسلوب لتقرب الله من ذلك العبد – فافهم- وليس جزاءاً البتة. وليس فيها اثراً سلبياً على طهارة العبد إلا إذا وجهها العبد توجيهاً خاطئاً من قبيل أن يغتر بالثناء او يرى لنفسه قيمة.

أما مسألة الحفاظ على طهارة النية، فالطريقة الشاملة في ذلك هي عدم تمكين الطمع من القلب.

واما النتائج المترتبة على العمل الطاهر للعبيد فليست من الإشراك ان لم يكن هو طالبها.

وفقك الله تعالى لبلوغ مرادك

 

[1] – قواعد الإيمان من بين يدي القرآن، الشيخ منتظر الخفاجي، ص 142
[2] – قواعد الإيمان من بين يدي القرآن، الشيخ منتظر الخفاجي، ص 143

السلام عليكم ورحمة الله

سؤال شيخنا العزيز. في أسماء الله الحسنى اسم المنتقم. والآية الكريمة تقول: (إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ)[1] والآية الثانية تذكر (فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ)[2] كيف نفهم اسم المنتقم بما ان الانسان عليه أن يعكس الصفات الالهية؟.

الجواب

بسمه تعالى

عليكم السلام ورحمة الله تعالى

 الانتقام المنسوب لله تعالى هو ليس الانتقام المعروف بين الناس، فالانتقام لدى الناس:

هو حقدٌ وطلب ايقاع الضرر أخذاً بالثأر المؤدي الى اطفاء الغيض الكامن في الصدر والتشفي من المقابل، فهو مجرد عن النظر لأي أمر آخر. وكل ذلك لا يجوز على الله تعالى.

انما الانتقام الالهي هو العقوبة على الذنب والتي إما ان تكون تأديبية او تقويمية او لأجل قطع ضرر المُنتَقَم منه عن نفسه او عن غيره، فحينها يغلق العبد المخطئ كل الابواب بوجه الله تعالى فلا يبقى أمام الله تعالى إلا باب الانتقام لكي يقطع شرور العبد عن نفسه ويوقف سلسلة تسافله في عالم الظلام، لذلك قال جل اسمه:(فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ)[3] وقد يكون التأسف هنا بمعنى الحزن وليس بمعنى الغضب. فليس لله تعالى مصلحة عند العبد حتى ينتقم منه حين ضياعها!، انما مصلحة العباد هي التي تقرر نوع التعامل الالهي.

 

[1] – سورة السجدة/ الآية 22
[2] – سورة الزخرف/ الآية 55
[3] – سورة الزخرف/ الآية 55

سؤال الى سماحة العارف بالله الشيخ منتظر الخفاجي

 شيخنا الفاضل وفقك الله لمرضاته. اسأل عن عظمة الله جل جلاله وقدرته والسؤال هو:

لو لم يخلق الله جل جلاله الخلق فبماذا ستكمن عظمته وقدرته حينها؟.

هل عظمة الله فقط بقدرته على الخلق أم ان الله جل جلاله عظيم حتى وان لم يخلق؟ واذا كان كذلك فبما سيكون عظيماً؟.

وشكرًا لك شيخنا الجليل ولسعة صدرك.

الجواب

بسمه تعالى

حقيقةً، أن عظمة الله جل جلاله هي في ذاته وليس في أفعاله، فما حوته ذات الله أعظم وأعجب وأغرب مما خلق الله تعالى.

ليست حقيقة عظمته –للمُبصِر- هي بخلقه للشمس والقمر ولا بتكوين الانسان وتصوير الورود والطيور، على الرغم من أن كل ذلك عظيم لكنه لا شيء أمام عظمة أخلاقه وصفاته، حينما يُقدّم الله تعالى مصلحة العبد ويخلق نظاماً متكاملاً لأجل ايصال هذه المنفعة للعبد ويُسخّر مجموعةً من خلقه الارضيين والسماويين للعمل في تحقيق تلك المصلحة للعبد، ولا ينظر في كل ذلك الى مصلحة نفسه جل جلاله، ثم يجزع العبد من تلك المصلحة ويعتبرها نقمة من الله؛ فيعترض على ربه ويتجاوز على مقامه وقد ينسب الظلم اليه -تعالى عن ذلك- ورغم كل هذا لا يتوقف الله عن تقديم افضل ما يمكن لهذا العبد بل ولا ينزعج منه!!! هنا العظمة.

يقول الامام الكاظم عليه السلام: (ما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد الى من يؤذيهِ بأوليائه، فكيف بمن يُؤذى فيه!)[1]. ويقول أمير المؤمنين عليه السلام: (الله أرحم بك من نفسك)[2]، ويقول الامام زين العابدين عليه السلام في دعاءه: (يا من هو أبر بيّ من الوالد الشفيق وأقرب إليّ من الصاحب اللصيق)[3] أي أنه يرى ويتذوق ويشعر بأن الله أشفق عليه من أبيه الحسين عليه السلام، وكل هذه هي صور مخففة جاءت على قدر تقبل عقولنا، لكنه جل جلاله بين من خلال هذه الصورة أن لديه شعوراً، يشعر بعباده، بفرحهم ومأساتهم، وليس الله عِلمٌ وقدرة وتنفيذ وتدبير جامد كما صوروه لنا.

حينما يقول الرسول الاعظم: (إن الله أرحم بعباده من هذه –المرأة- بولدها)[4]. بمعنى آخر أكثر حناناً من الأم على ولدها، ليس على المؤمنين به، لا…. (ارحم بعباده) كل عباده مؤمنهم وفاسقهم وكافرهم. طيب، هذه فهمناها…. فما مقدار هذه الحنان قياساً بحنان الام؟ أنا أجيبك: ان نسبة حنان الأم الى حنان الله تعالى هي نسبة واحد الى اللامتناهي! لأن الله لا نهائي الكمال بذاته وصفاته، وعليه فإن الله يشعر بألم ذلك الطفل على قدره وليس على قدر الأم أو الاب!! فافهم رجاءاً! كم نسبة شعور الام أو الأب بألم ابنهم حينما يرونه يتألم؟ لا شيء! إذا ما قيس بمقدار الشعور الالهي بألم ذلك الطفل. ليس هذا فقط بل الأدهى والأمَر حينما يبصر الله تعالى ذلك الطفل وهو يغرق في بحر الهجرة الى أوربا أو تفترسه الذئاب، وهو قادر على انقاذه لكن مصلحة الطفل الكبرى تقتضي ذلك، تلك المصلحة التي حينما يدركها يتمنى ان يُقّطع مئات المرات لأجلها… هنا العظمة هنا السمو هنا الجبروت.

حينما ينظر الله جل جلاله الى ذلك الانسان الذي اعتنى به وهو في بطن أمه ثم رباه صغيراً وعلّمه وأنبته نباتاً حسناً ونمّى مداركه وطهّر قلبه، وخلق له البيئة المناسبة لكي يصل به الى مقام النبوة، فهو معه سنين طوال، حينما يرى هذا الصاحب والحبيب والربيب ُينشر بالمناشير، وهو قادر على انقاذه؛ لكن زكريا عليه السلام طلب مرتبة من الكمال تقتضي ذلك، فتمنعه ارادة زكريا من أن يحرك ساكناً.

حينما يُقّطع حبيبه الحسين بن علي في صحراء كربلاء وهو ينظر ويشعر بكل ما يشعرون به شعوراً مضاعفاً، هنا تبرز تلك العظمة التي تفوق عظمة خلق الاحجار المسماة كواكباً ونجوماً.

أعلمُ انني أطلت الكلام لكن تحملني قليلاً فقد جسَّ سؤالك قلبي.

الانسان النقي الكريم حينما تقدم له معروفاً أو تهدي له هدية بدون الرغبة بالمقابل وانما محبة منك، سوف يحتار كيف يرد ذلك المعروف ويفكر بعشرين فكرة وقد لا ينام ليلته من شدة الامتنان وسيبقى معروفك في باله مادام حياً، لأن هذا المعروف وجد أرضاً صالحة فأنبت فيها، هذا وهو انسان! فما تكون نسبة كرمه ونقاء نفسه الى كرم الله ونقاء ذاته؟؟ لا شيء. إذن حينما تُقدّم لله تقدمة أو هدية أو أي عملٍ صالحٍ طاهرٍ من لوث الرغبات والمصالح، فما هي ردّة فعل الله؟، وكيف يشعر بأثر تلك الهدية؟؟! وما هو المقابل الذي سيقدمه اليك ليطفئ ثورة الكرم في داخله ويوقف فيضان العطاء الذي نبع من ذاته؟ هنا مواطن العظمة، وهنا منابع العلو وهنا يكمن الكبرياء. ولولا خوفي من سوء فهم كلامي لتعمقت في ذلك. فشكراً لسؤالك وجزاك الله عني كل خير.

 

[1] – ابن شعبة الحراني، تحف العقول، ص 399
[2] – العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 90، ص 211
[3] – الإمام زين العابدين (ع)، الصحيفة السجادية، (أبطحي) ص 442
[4] – محمد الريشهري، ميزان الحكمة، ج2، ص1049

  اللهم لا تحرمنا دوام أنسك يا لطيف

 حفظ الله أبينا وأدام فضله وعلو شأنه.

سؤال لو تكرمتم.. هل الله يأنس بخاصة خلقه؟  فأن صح قول ذلك … فمن أي صفاته ينبع انُسه؟

الجواب

بسمه تعالى

من صفة المحبة، وهنا المحبة الخاصة. أيدك الله تعالى.

السلام على شيخنا وأبينا الحبيب ورحمة الله وبركاته

 شيخنا العزيز تكرر على سمعي اليوم هذه الآية من سورة ال عمران (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[1] فتذكرت ما افضت به علينا في هذا النشر المبارك وربما حل لي لغزاً لم أفقههُ في الآية من قبل، حين قالت امرأة عمران (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ …)[2].

حيث كنت اسأل نفسي لماذا قالت إني وضعتها انثى!! أليس الله أعلم بها منها؟!.

فوجدتُّ الاجابة في نفسي ان امرأة عمران خجلت من تقدمتها لله لأنها ارادت ان تقدم الاكمل والافضل وهو الذكر (حسب رؤياها) لكن الله رزقها بأنثى … رغم ذلك قدمتها لله سبحانه على استحياء.

السؤال وعذرا على الاطالة … أجاب الله سبحانه (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنࣲ وَأَنۢبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنࣰا وَكَفَّلَهَا زَكَرِیَّاۖ …)[3].

اقول هل من الممكن ان يكون اختيار الله لخاصته من خلقه مبني في بعض الاحيان على عطاء او تقْدُمة من أحد الوالدين؟ اي ليس كما يكون بإرادة خالصة من الحق سبحانه في الاختيار، كما في قوله تعالى عن موسى عليه السلام (وَأَنَا ٱخۡتَرۡتُكَ فَٱسۡتَمِعۡ لِمَا یُوحَىٰۤ)[4] وهل من الممكن ان تكون التقْدُمات الخالصة (باختلاف انواعها) هُنّ ما نرى لهُنّ من أثر في المجتمع … حيث الله يتقبلهن وينميهن ويرعاهن، في المقابل هل تَردي المجتمع وقلة وجود ما يُصلحه، هل هو بسبب جفاء المجتمع عن التقدمات الخالصة لله سبحانه؟.

الجواب

بسمه تعالى

عليكم السلام والرحمة والاكرام

حسب القاعدة لا يخلو شيء من إرادة الهية سابقة.

لكن ما سألتم عنه من تأسيس الارادة الالهية على بعض التقدُمات الطاهرة فهذا وارد وقد شهدنا بعض مصاديقه على المستوى العالي، بل أن الحق قد يؤسس نظام كامل على تقْدُمة نقية طاهرة.

والتقْدُمة أو التضحية أو التطوع على اختلاف التسميات، هو باب فتحه الله عز وجل لعباده يختصر لهم من خلاله الكثير من مراتب التطهير ومدارج القرب. فإن قدّم العبد أمراً للحق تعالى بنية خالصة مُخلَّصة من شوائب الشرك والطمع؛ فسوف يكون لتلك التقْدُمة أثراً بالغاً للشخص نفسه ولمن هم في فلك التقدمة، وكلما زادت طهارة نية التقدمة أو صدرت من مرتبة عالية في الكمال كان أثرها أوسع في عالم التكميل.

في الجانب المقابل فإن انعدام وجود التعاملات الطاهرة مع الحق تعالى والتي منها التقدمة، أو غلق باب التقدمة خصوصاً؛ فإن ذلك يساهم مساهمة كبيرة في تردي المجتمع وابتعاده عن الفضيلة وتباطؤ مسيره التكميلي.

والله تعالى وحده العالم بحقائق الامور.

 

[1] – سورة آل عمران/ الآية 35
[2] – سورة آل عمران/ الآية 36
[3] – سورة آل عمران/ الآية 37
[4] – سورة طه/ الآية 13

شيخنا الجليل لدي سؤالان للفائدة وارجو التفضل علينا بالإجابة

السؤال الأول: كيف يتواضع الفرد لله تعالى؟

السؤال الثاني: بما أنه عكس التواضع هو التكبر فهل يتكبر الإنسان على الله تعالى سواء كان بقصد أو من غير قصد؟ وشكراً لكم.

الجواب

بسمه تعالى

 ان اول مراتب التواضع لله تعالى هو ان تكون نية العبد في تواضعه هي التقرب لله عز وجل او نيل رضاه او انصياعاً لأمره. فيكون دافع تواضعه هو الله عز وجل وليس ذلك الانسان، الذي هو محل التطبيق

 اما سؤالك – رعاك الله تعالى- عن التكبر على الله عز وجل، نعم يتكبر الانسان على ربه، حينما يرى لنفسه قيمة أمام الله تعالى، بل هناك من البشر من يقول يجب على الله ان يفعل كذا، وينبغي ان لا يفعل كذا! وهذا من موارد تكبر العبد على سيده، أعاذنا الله واياكم من ذلك.

الحمد لله الذي جعل السبيل الى اتباعه حبه، فعطّل بذلك محرك الاحقاد المؤدي الى الهلكات.

السلام على من لطف به الخالق ورحم بفيضه خلقه.

شيخنا العزيز، لقد فمهمنا مما افضتم سماحتكم بمحاضرة “الحقد” ان الحقد هو منبع الشر الجهنمي داخل نفوسنا، وهو مما اكتسبته النفس ليطفئ فيض الفطرة، فلم يرد الحقد في أي صفة من صفات الله الرحيم جل قدره، ثم اوردتم في درركم ان الكراهية من غصون شجرة الاحقاد.

سؤالي إن تفضلتم: لقد اجاز الله في كتابه كراهية الاعمال حتى قال الفقهاء (عمل مكروه)؛ بل كره سبحانه تواجد المرتابين في صفوف المؤمنين … (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ)[1] في المقابل هل يعني ذلك جواز الحقد على عمل الظالم، بمعنى ان الحقد لا يجب طرده من القلب بل توظيفه توظيفا صحيحا؟!.

والحمد لله الذي من على قلوبنا بفضله فلم يجعل للحقد الى قلوبنا سبيلاً.

الجواب

بسمه تعالى

عليكم السلام ورحمة الله تعالى ورضوانه

الكراهية المنسوبة لله تعالى هي عدم تفضيل الفعل لما فيه من مفاسد وليست كراهية نفسية كما هو الحال لدى البشر.

أما مسألة الحقد على الظالم، فاعلم، أن الحقد لا يتجزأ، إذا سرى في النفس عمَّ كل المواطن القابلة له، ثم يصبح من محركات الانسان.

حفظك الله تعالى من النفس وشرورها.

 

[1] – سورة التوبة/ الآية 46

شكرا لترك بصمة تواجدكم معنا .........