المُراقَبةُ والمُحاسَبةُ
إن التربيةَ بقسميها العامُ والخاصُ لا تكتملُ إلا بتوفرِ جانبينِ أساسيينِ وهُما المُراقَبةُ والمُحاسَبَةُ.
المراقبةُ: هي المتابعةُ والتحَقُقُ مِن سيرِ الفردِ على النظامِ الذي وُضِع لَهُ وعَدمُ خُروجهِ عَنه، فيراقِبُ رَبُّ الأُسرةِ تَصرفاتَ أفرادِ أُسرتِه ويتابعُ ما يَصدُرُ عنهُم لأجلِ تَقويم أخطائِهم وتَصحيحِ إنحرافاتِهم وإبعادِ كُل ضَررٍ قد يُصيبهُم، ومِن خِلالِ هذا العملِ يَضمنُ إستمرارَ تربيتِه وِفقَ المُخططِ الذي وضعهُ لهم أو طريقةِ التربيةِ التي أتَخذَها.
لكن يَجب أن لا تَجعلَ مِن المُراقبةِ قيداً تُقيّدُ به الأُسرةِ، ولا تُسبِبَ لَهم ضَغطاً نفسياً، إنما إجعلها تَتمُ بأسلوبٍ ذكيٍ مِن غيرِ أن يَشُعرَ الأبناءُ بذلك، ومِن دون أن تَنتزعَ حُريتَهُم، فقد تكونُ الجَلساتُ العائليةُ وما يُستشَفُ منها كافيةً لمُراقبةِ مستوياتِهم.
المُحاسبَة:
يَجِب على أفرادِ الأُسرةِ أنْ يَرَوا نتائِجَ أعمالِهم سواءٌ أكانت جيدةً أم سيئةً، لأجلِ تَقويمِ وتَكميلِ تلك الأعمال، وهذا هو دورُ المُحاسبةِ.
فالمُحاسبةُ هي التي يتبينُ مِن خِلالِها نَجاحُ العملِ أو فَشلِه، ومستوى ذلكَ النجاحُ والفَشلُ، وتسليطُ الضوءِ على مواضعِ الخللِ وأسبابِ الفشلِ المؤدي الى تجنُبِها مُستقبلاً، وكذلك تَكشِفُ أسبابَ النَجاحِ التي تَجعلُ مِنها ركائزاً ومنطلقات للأعمالِ الأُخرى ،ولكي يُتممَ رَبُّ الأُسرةِ عَملَهُ، لابُدَّ لهُ مِن الإهتمامِ بجانبِ المُحاسبةِ إهتماماً مسؤولاً .
والمحاسبةُ لا تكونُ الا بعدَ التكليفِ أو بعد إعطاءِ المسؤوليةِ، فحينما يَضعُ ربُ الأُسرةِ غايةً أو هدفاً لأفرادِ أسرتِه، والذي يكون على قَدرِ طاقتِهم، ويُبينُ لهم السُبلَ الصحيحةَ لبلوغِ ذلك الهدف، ويوضِحُ ذلك وضوحاً تاماً، حينئذٍ له أن يُحاسِبَهم على أساسِ ما حملَّهُم مِن أعمالٍ، ثُم يجِبُ أن يُشعِرَهُم بأهميةِ المُحاسبةِ، وفائدتِها في الوصولِ لغايتِهم حتى لا يَكرَهوا هذا الجانبَ وبالتالي يَفتَحُ بابَ التهرُبِ مِن المُحاسبةِ.