الـمقـدمـــة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
والصلاة والسلام على أسوة الخلق وقدوة المرسلين سيدنا محمد وآله الطاهرين.
المقدمة
أردنا لهذا الكتاب ان يكون أساساً ومنطلقاً لعلم الايمان الخاص، وأعني به الايمان التصاعدي بالله جل جلاله؛ وذلك من خلال إيجاد ثوابت وروابط لتأسيس علاقة تصاعدية صحيحة ونقية بالجهة العليا، فوضعنا قواعد كلية لبعض حقول الايمان تشيَّد في ساحة العلاقة مع جهة الحق جل جلاله لكل من أراد صلة مبنية على ثوابت غير مؤدية الى الانحراف مهما طالت فترة المسير والتقدم ومهما تغيرت الأحوال.
لذلك عملنا على ان تكون هذه القواعد مُستلة من كلام الحق نفسه والتي اودعها في كتابه العزيز، وهو المصدر الاصدق والاوثق والذي اشتمل على قواعد مبادئ تنظم كل جوانب حياة الانسان.
فكان عملنا في هذا السفِر هو استخراج بعض الآيات المشتملة على قواعد ايمانية محكمة وواضحة ولا تقبل الترديد، وجعلنا منها المَدارك لتلك القواعد، ثم بينا مفهوم الآية وما تشير اليه في ظاهرها من الجهة الايمانية التي حملتها في طياتها، وربما خطونا قدماً واحدة في فهم الآيات المدركية وخرجنا عن الفهم المحدود المتبع لدى أهل التفسير، وهذا ما اقتضاه الحال بما اننا نتحرى الفهم الموصل الى العمل والتطبيق وليس الفهم النظري المجرد، وهو شيء من الانصاف بحق هذه الآيات. وكنت أتمنى ان اخطو أكثر من قدم واحدة في فهم هذه الآيات، خاصة وان كل آيات الكتاب العزيز حوت على مراتب عديدة من العطاء الايماني، لكنّ مستوى المجتمع الايماني حال دون ذلك.
ثم بعد المفهوم تأتي مرتبة التطبيق. فبما ان الطالب لزيادة ايمانه يتحرى بعد الفهم تطبيق ما فهمه وانزاله من الحيز المعرفي الى الحيز التطبيقي، فقد عمدنا الى إيجاد منهجاً تطبيقياً يرتقي بمن عمل به الى مرتبة التعامل الفعلي في ساحة الحق.
وجعلنا من أسلوب بيانه اسلوباً واضحاً وبسيطاً لكي يتسنى لطالب الايمان سهولة التطبيق، ولا نستهلك ارادته وعزيمته بمحاولة فهم العبارات انما نريد توفير هذه الإرادة الى مرتبة العمل بعد القراءة، وهذا ربما على خلاف الكتب والرسائل العملية والتي ترهق القارئ وتستنزف عزيمته واردته بمحاولة فهم مصطلحاتها وفك رموزها.
وأيضا حاولنا في هذا السِفر ان نجعل منه وسيلة لفتح باب القلب قبل العمل بما جاء فيه، فقد اضفنا له شيئاً من عالم القلب، وذلك إنّا مزجنا أسلوبه الاستدلالي البسيط ببعض النفحات القلبية المسموح بها لأجل التهيئة العملية، وان كانت غير ظاهرة لمن يقرأه بعقله انما يتذوقها أصحاب القلوب.
اذن هذا الكتاب هو محاولة لاستخراج وتنظيم المفاهيم الايمانية الخاصة بقواعد ومنهاج تجعل منها بداية لولادة علم مستقل بحدوده وهو علم الايمان.