تربيةُ الأبناءِ
التربيةُ: هي تنميةُ الوظائفِ الجسميةِ والعقليةِ والخُلُقيةِ لأجلِ بلوغِ كمالِها.
وعليهِ فإن إطعامَ أبنائِك وكسوتَهم وإدخالَهم المدارسِ لا يُعتَبرُ تربيةً وإنما هو جزءٌ بسيطٌ منها، فلا يحِقُ لكَ أنْ تقولَ لأبنائِك أَنا ربيتُكم مع الإقتصارِ على هذه المُفرَداتِ البسيطةِ مِن التربيةِ، بل الحق إنك قصرتَ معَهُم وظَلمتَهم وأخفقَت في مسؤوليتِكَ.
التَنميةُ العقليةُ: حينما تكونُ التربيةُ أو جُزئُها هي تنميةُ القدرةِ العَقلية لدى الأبناءِ فإن ذلك يعني أن يَعملَ رَب الأُسرةِ على وضعِ برامجٍ لتطويرَ العقلِ، وتنميةَ مَداركِه، وتقويةَ دِقةِ النظرِ والتَحليل، وترويضَ العَقلِ على حلِ المُشكلاتِ العقلية ،وتفعيلَ قابليةِ الإستِنتاجِ والإستِنباطِ العَقلي لدى الأبناءِ، وإطلاعَهم على المُصنفاتِ التي تُساهِمُ في تطويرِ عقولِهم وتُحفزَهم على التعاملِ العقلي مع ما يواجِههُم في حياتِهم، ودفعَهم الى التَعمُقِ في النظرِ، للأنتقالِ من النظرِ السطحي للأمورِ والاحداثِ إلى النظرِ العَميق، وهذا الجانبُ يحتاجُ الى تفصيلٍ ليس مَحَلُهُ هذهِ الرسالةَ الموجَزة[1].
أما التنميةُ الخُلُقيةُ: فهي تحسينُ صفاتِ الفردِ وإستبدالُ الصفاتِ والسجايا الرديئةِ بالصفاتِ والسجايا الحميدةِ والتخَلُصُ مِن كُل خُلُقٍ سيئٍ.
وهي تتطلبُ أموراً منها أنْ يقِفَ ولي الأمرِ على أخلاقِ أبنائِه ويَعرِفَ النواقصَ الخُلُقيةَ لديهِم ثم يَضعَ المناهجَ على أساسِ ما عَرَفَ ،ليسدَ تلكَ النواقصَ، فيَرتقي بأخلاقِهم ويَسموا بصفاتِهم حتى يُبصِرَ صدورَ الأفعالِ عن تلكَ الأخلاقِ الجديدةِ، فصدورُ الأفعالِ عن الصفاتِ الجديدةِ ، هي بلا شكٍ، دلالةٌ أوليةٌ على تَمكُنِ تلكَ الصفاتِ مِن الفردِ.
ويُفضَلُ التدرُجَ في ذلك، بحيثُ يَبدأُ معَهُم بالآدابِ العامةِ وهي تحسينُ الصورةِ الظاهِرةِ لأفعالِهم، والتي تنفعُهم في بناءِ ظاهرِ شخصيتِهم وتكونُ مُمهِدَةً لدخولِ التَهذيب الأخلاقي، وأيضاً فإن الآدابَ هي قيودٌ تُقيدُ عشوائيةَ الشهواتِ والأهواءِ، فَيُمَرِّنُ رَبُّ الأُسرةِ أبنائَه على آدابِ المجالسِ وآدابِ الحديثِ وآدابِ السفرِ وغيرها مما يَجِدهُ في هذا الجانبِ، نعم، هذا الأمرُ يحتاجُ إلى جُهدٍ كبيرٍ إلا أن ثمرتَهُ عَظميةٌ.
ولابُدَّ أن يستعينَ رَبُّ الأُسرةِ بما يُساعِدُه في ذلكَ مِن مُصنفاتٍ بعلمِ الأخلاقِ أو مِن الأخصائيين أو غيرِ ذلك.
وأما التنميةُ الجسمانيةُ: فهي التي يَضمنُ معها رَبُّ الأُسرةِ سلامةَ صِحةِ أبنائِه الجسمانية، بحيثُ تكونُ أجسامُهم مُساعدةً لهُم في تحقيقِ أهدافِهُم لا أنْ تكونَ موانعاً بسببِ الأمراضِ والكسلِ وغيرِها. فيُرغِّبُ أبنائَهُ بالرياضاتِ الجَسديةِ ويُحدِدُ لهُم ما يَنفَعُهم حتى يَعتادوا على ذلكَ، ويصبحُ الإهتمامُ بصحةِ أبدانِهم من أساسياتِ حياتِهم.
________________________
يمكن للقارىْ الكريم الإستفاضة من هذا الموضوع من خلال الإستماعِ لِما جاءَ في المحاضرات الصوتية لسماحةِ الشيخ بعنوان التكليف العام وبأجزائه الاربعة والمتوفرة على الموقع الالكتروني لسماحة الأب المربي الشيخ منتظر الخفاجي.