مقدمة المؤلف 1

مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم

     والصلاة والسلام على الرسول الأمين وآله الطاهرين
ربما مثل هكذا رسالة لا ينتفع بها على وجه الحقيقة الا الخاصة أو خاصة الخاصة، أما عامة الناس فقد ينتفعون بها على السبيل المعرفي فقط.
إذ أَنها تتناول مرتبة عالية نسبياً من مراتب العلاقة بالله تعالى، والتي هي مرتبة شديدة التعقيد، يكمن التيه والحيرة على سواحلها، فيواجه مقيمها من متولداتها ما لا عهد له بها، ولا نظير لها في عالم الدنيا، وخاصة طبيعة التعامل مع عالم ليس من شأنه الثبات، بل هو في تغير مستمر.

في هذه الرسالة سنبسط القول ما أمكن عما يحتاجه من بلغ رتبة العمل الخاص في ساحة الحق، ونبين ما يواجهه من صعوبات وأخطار في ذلك العالم، والدوافع المحركة للابتعاد عن غايته أو الغاية التي نُدب إليها، وما السبل لتجنب ذلك.
ويرى القارئ المختص من خلال هذه السطور، الطبيعة المختلفة لتعامل الحق لمن هم في هذه الرتبة، وربما يقف على نوعية علاقتهم بالحق وعلاقته بهم.
ما سطرناه في هذه الرسالة من معارف وقيم معنوية وقواعد تعاملية لم نستوحيها من عقول الرجال، ولا مما أفاض الحق على السابقين من اولياءه، انما من خلال مسيرنا الطويل في هذه العوالم، وما أوقفنا الحق سبحانه على أسراره في عوالم التدبير والإرادة والتنزيل، وما شاهدنا من تأسيس وتبدل الأنظمة في عوالمها، فتوافقت الإرادة على بيان ما يمكن بيانه، وهو المستوى الأولي فقط؛ لأجل إفادة أرباب هذه المقامات وسكانها مما قد لا يَلتفت اليه الا مريده، وربما غابت الإرادة في مواطن الانصراف.

إن الفرد الذي يروم خوض عالم العمل الأعلى ليس بالضرورة أن تكون كل الأمور لديه واضحة، وليس بالضرورة أن يُفهمه الحق كل ما يحتاجه دفعة واحدة، بل مقامات عالم العمل كغيرها من المقامات المعنوية من حيث القواعد العامة، فيستفيد العامل معارفه وطرقه وأدواته من خلال المسير بذلك العالم، والتنقل بمراتبه، ومنه يأخذ ما ينتفع به بصورة تدريجية، فيقع في الخطأ والحيرة والغفلة ويعاقب ويثاب، ويعرض له ما يعرض لأرباب المقامات الأخرى؛ لهذا يتفاوت العمال في مراتبهم ودرجاتهم العملية في ذلك العالم.
ومن هنا أردنا أن نبين من الجوانب ما يختصر للعامل ولمريد العمل الكثير من الوقت، وتجنبه الوقوع فيما يجهل عواقبه، ويتفادى مواطن خرق الأدب، ويكون لديه دستوراً أولياً يقيس عليه، ويفهم من خلاله ما يواجهه حين دخوله عالم العمل. كذلك يكون لمريدي هذا العالم صورة أولية عن أصول هذا العالم وشرائطه ومخاطره ونوع التعاملات الإلهية فيه؛ حتى لا يورط نفسه بما لا طاقة له به، فيبتعد من حيث يريد الاقتراب.

ولله الأمر من قبل ومن بعد وله الحمد في الاخرة والأولى


منتظر الخفاجي

This Post Has 2 Comments

  1. محمد جبوري كاظم

    ادامكم الله سبحانه وتعالى سماحة أبانا الحبيب ودام فيضكم وعطاؤكم

اترك تعليقاً